للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العين ووصفه للشبكية وأعصاب النظر وتشريح المخ وتحديد وظيفة الشرايين وغير ذلك من مباحث طبية (١). وغزا مصر الرومان، كما أسلفنا، وظلت حركتها العلمية والفلسفية فى النمو، كما ظلت الإسكندرية زعيمة العالم الهيلينى فى العلوم. ومن أكبر علمائها حينئذ بطليموس المولود بالصعيد، غير أنه بارح مسقط رأسه مبكرا إلى الإسكندرية، حيث ظل يرصد الأجرام السماوية حتى منتصف القرن الثانى الميلادى، ولم يلبث أن سجل معلوماته الفلكية والرياضية والجغرافية فى كتابه «النظام الرياضى للنجوم» وقد سماه العرب «المجسطى» أى الأعظم بنفس اللقب الذى وضعه له اليونان. وله كتب أخرى منها موجز جغرافى، وكان لبحوث المجسطى وغيره تأثير عظيم فى علم الهيئة والفلك والرياضيات عند العرب (٢). ويلقانا هيرون، وهو أرشميدس صغير كما يقال، وله رسائل فى الرياضة والطبيعة والميكانيكا ترجمت إلى العربية، وتاريخه غير معروف فمن العلماء المعاصرين من يرجع به إلى القرن الثانى قبل الميلاد، ومنهم من يجعله فى القرن الثالث بعد الميلاد (٣). ونفذت مصر فى هذا القرن عند أفلوطين المتوفى سنة ٢٧٠ للميلاد إلى مذهب فلسفى كان تجديدا لفلسفة أفلاطون، ولذلك يسمى الأفلاطونية الجديدة. وظل نشاط مصر فى الطب عظيما، وقد نزلها جالينوس (١٣١ - ٢٠١ م) ولم يكتف بمقامه فيها بالإسكندرية، فقد جاس خلال ديارها حتى وصل جنوبيها والنوبة وبواديها (٤)، ومما لا ريب فيه أنه انتفع أكبر انتفاع بنهضة علم الطب والتشريح فى مصر، وترك فى الإسكندرية بعده مدرسة عنيت بدراسة كتبه وتلخيصها، وقد عقد ابن أبى أصيبعة لأعلامها فصلا مستقلا (٥). وظلت الإسكندرية كما كانت طوال عهد البطالمة نحو ستة قرون يهرع إليها جميع طلاب الطب من ولايات الإمبراطورية الرومانية، وكان حسب الطبيب للدلالة على براعته أن يقال إنه تعلم الطب فى الإسكندرية (٦).

وممن تعلم الطب بها فى القرن السادس سر جيوس من «رأس عين» بالموصل وإيتيوس من آمد بالموصل أيضا، ومن أطبائها فى أوائل القرن السابع أهرن القس السريانى الذى أمر


(١) قصة الحضارة ٨/ ١٥٦ وماكس ما يرهوف فى كتاب التراث اليونانى للدكتور عبد الرحمن بدوى ص ٤٥.
(٢) قصة الحضارة ١١/ ١٠٦ وألدومييلى ص ٤٥ وما بعدها.
(٣) ألدومييلى ص ٤٥، ٤٧ وقصة الحضارة ١١/ ١٠٨.
(٤) تاريخ الحكماء (مختصر الزوزنى) للقفطى (طبع ليدن) ص ١٣٢.
(٥) طبقات الأطباء لابن أبى أصيبعة (نشر دار مكتبة الحياة ببيروت) ص ١٥١ والقفطى ص ٧١.
(٦)؟ ؟ ؟ ماكس ما يرهوف ص ٤٥ وما بعدها وقصة الحضارة ١١/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>