للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحسب، بل أيضا فى المدن مثل الحسين (١) بن منصور طبيب إسنا بالصعيد المتوفى فى أوائل المائة السادسة. ومن أهم الأطباء بالقاهرة ابن (٢) العين زربى وله كتاب الكافى فى الطب بدأ فى تأليفه سنة ٥١٠ وانتهى منه سنة ٥٤٧ قبل وفاته بعام واحد، ويقول ابن أبى أصيبعة: «كان له تلاميذ عدة يشتغلون عليه» وترجم منهم لطبيب يسمى بلمظفر (٣) بن المعرّف. ولحقت طائفة من تلاميذه العصر الأيوبى.

ولعل فيما قدمنا ما يوضح نشاط الأطباء وأصحاب الرياضيات والطبيعيات والفلك بمصر طوال زمن الفاطميين، ولم نحاول أن نحيل فى بيان صلة المصريين حينئذ بالفلسفة على الدعوة الإسماعيلية، كما يصنع بعض الباحثين المعاصرين، لأن المصريين لم يعتنقوا هذه الدعوة، وكان دعاتها يلقّنون تلاميذهم الفلسفة فى مراحل الدعوة حتى إذا وصلوا بهم إلى المرحلة التاسعة أحالوهم-كما يقول المقريزى-على ما يقرّر فى كتب الفلاسفة من علم الطبيعيات وما بعد الطبيعة والعلم الإلهى وغير ذلك من أقسام العلوم الفلسفية. ومن المؤكد أن المصريين لم يقبلوا على هذه الدعوة بدليل أن دعاتها كانوا دائما من المغرب أو من الشام أو من أيران. ويبدو أنه كان للمصريين نشاطهم المستقل فى دراستهم للفلسفة عن طريق دراساتهم للطب وللرياضيات والطبيعيات، ومن يرجع إلى تراجم من عرضنا لهم فى ابن أبى أصيبعة والقفطى سيجد لهم مصنفات فلسفية متنوعة كثيرة.

وإذا تقدمنا إلى العصر الأيوبى وجدنا مصر تحمل بقوة مسئوليتها فى طرد الصليبيين من ديار الشام، ومع ذلك تظل الحركة العلمية نامية بها بفضل ما أنشأ فيها صلاح الدين وخلفاؤه الأيوبيون من المدارس. وتظل العناية متصلة بعلوم الأوائل، يدل على ذلك أنه يلقانا بعض البارعين فى الدراسات الفلسفية مثل السيف الآمدى المتوفى سنة ٦٣١ وأفضل (٤) الدين الخونجى المتفلسف المتوفى سنة ٦٤٢ وكان يتقن العلوم الفلسفية والدراسات الإسلامية وله تصانيف فى المنطق والطبيعيات، ويقول ابن أبى أصيبعة إنه قرأ عليه بعض الكليات من كتاب القانون فى الطب لابن سينا، وقد ولاه السلطان الصالح نجم الدين أيوب قضاء مصر سنة ٦٣٨ بعد عزل شيخ الإسلام وإمام الأئمة شرقا وغربا-كما يقول السيوطى-عز الدين بن عبد السلام. ولعل


(١) حسن المحاضرة ١/ ٥٤٠ والطالع السعيد للإدفوى ١٢٠.
(٢) ابن أبى أصيبعة ص ٥٧٠.
(٣) ابن أبى أصيبعة ص ٥٧١.
(٤) ابن أبى أصيبعة ص ٥٨٦ وحسن المحاضرة ١/ ٥٤١ وطبقات الشافعية للسبكى ٨/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>