للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمار (١) بن على وله المنتخب فى علاج أمراض العين. ومن أهم الأطباء حينئذ ابن (٢) رضوان المتوفى سنة ٤٥٣ هـ‍، وجعله الحاكم رئيسا على جميع الأطباء، وظل فى هذه الوظيفة نحو خمسين عاما، ودوّت شهرته فى العالم العربى مما جعل علماءه يكاتبونه ويرحل بعضهم إليه لمناظرته فى مسائل الطب، وممن رحل إليه من بغداد طبيبها ابن بطلان كما مر بنا فى حديثنا عنه فى الجزء الخامس من هذه السلسلة، ويقول ابن أبى أصيبعه موازنا بينهما: «كان ابن بطلان أعذب لفظا وأكثر ظرفا وأميز فى الأدب وما يتعلق به، وكان ابن رضوان أطبّ وأعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها». وقد ترجم شرحه لكتاب جالينوس فى الطب إلى اللاتينية، ونشر مرارا شرحه للمقالات الأربع لبطليموس فى علم الهيئة والفلك.

وتنشط صناعة الطب فى مصر بفضل ابن رضوان وتلاميذه، وأيضا بفضل دار العلم، فقد كان الطب يدرس فيها، إذ يذكر المقريزى فى حديثه عنها أن الحاكم أحضر منها فى سنة ٤٠٣ جماعة من الأطباء وكذلك من أهل المنطق للمناظرة بين يديه (٣). وقد يكون فى ذلك ما يدل على أن المنطق كان يدرس بها هو وما يتصل به من الفلسفة. ومن الأطباء الذين عاصروا ابن رضوان على (٤) بن سليمان، وكان فى أيام العزيز والحاكم والظاهر، وكان متقنا للطب والفلسفة والعلوم الرياضية، وله فى الفلسفة والطب كتب مختلفة. وممن خلفوا ابن رضوان تلميذه إفرائيم (٥) بن الحسن اليهودى، وقد حصل من المستنصر وأبنائه على أموال كثيرة، وكان شغوفا بالكتب الطبية والفلسفية وغيرها، وكانت لديه منها خزانة كبيرة، واشتهر بأنه كان عنده دائما نسّاخ يكتبون له ما يريد من الكتب، ويذكر ابن أبى أصيبعة أن تاجرا عراقيا من تجار الكتب اشترى منه عشرة آلاف مجلد، وهمّ بحملها إلى العراق، وبلغ ذلك الأفضل بن بدر الجمالى فى أيام وزارته، فبعث إليه بالمال الذى اتفق مع العراقى عليه حتى لا تخرج هذه الكتب من مصر، ويقولون إنه حوّلها إلى مكتبته الخاصة وكانت تشتمل على خمسمائة ألف مجلد. ومن تلاميذ إفرائيم سلامة (٦) بن رحمون الطبيب، ويقول ابن أبى أصيبعة إنه نصب نفسه لتدريس كتب المنطق والفلسفة الطبيعية والهيئة. ونظل نسمع عن أطباء فى العهد الفاطمى لا فى القاهرة


(١) ابن أبى أصيبعة ص ٥٤٩ وألدوميلى ص ٥٤٨ وبروكلمان ٤/ ٣٠٣.
(٢) القفطى ٤٤٣ وابن أبى أصيبعة ٥٦١ وألدومييلى ص ٢٤١ و ٢٥١ وما بعدها.
(٣) خطط المقريزى ٢/ ٢١٨.
(٤) ابن أبى أصيبعة ص ٥٥٠.
(٥) ابن أبى أصيبعة ص ٥٦٧.
(٦) ابن أبى أصيبعة ص ٥٦٨ والقفطى ص ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>