للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترتيب الألفاظ حسب الحروف الهجائية مثل الجوهرى فى الصحاح والزمخشرى فى أساس البلاغة، غير أن الجوهرى رأى أن يكون الترتيب الهجائى للألفاظ بحسب أواخرها ورأى الزمخشرى أن يكون الترتيب بحسب أوائلها مثل كراع النمل.

وتلتحم مباحث اللغة بمباحث النحو أو بعبارة أدق تظل ملتحمة فى القرن الرابع على نحو ما يتضح عند أبى العباس أحمد (١) بن محمد بن ولاد المتوفى سنة ٣٣٢ وأبى جعفر أحمد (٢) بن محمد النحاس المتوفى سنة ٣٣٨. أما ابن ولاد فقد خرّجه أبوه محمد نحويا ولغويا ماهرا، ولم يكتف بما أخذه عن أبيه وبعض العراقيين النازلين بمصر فرحل إلى بغداد ودرس على كبار اللغويين والنحاة بها، وتسامع به وبزميله أبى جعفر النحاس أهل المغرب والأندلس فرحلوا إليهما يأخذون عنهما ويدرسون. وكان ابن ولاد يضيف إلى دراسته لكتاب سيبويه عرضه دواوين الشعراء القدماء وكان يقول لطلابه: ديوان رؤبة رواية لى عن أبى عن جدى. ونشر مجمع اللغة العربية بدمشق ديوان ذى الرمة، وسنرى عما قليل أن ابن ولاد كان الطريق إلى إحدى روايتيه، وبذلك كان يدرس لطلابه فى الفسطاط أصعب ديوانين عربيين لغويا، واشتهر فى زمنه بروايته لمعجم العين المنسوب إلى الخليل، وعنه حمله منذر بن سعيد قاضى الجماعة بالأندلس المشهور. ومن مصنفاته اللغوية كتاب المقصور والممدود، وهو معجم لهما مرتب على الحروف الهجائية مثل كتاب المنجّد لكراع النمل، وكأنه تابعه فى ترتيب معجمه تيسيرا للانتفاع به. أما أبو جعفر النحاس فكان واسع العلم فى اللغة والنحو والدراسات القرآنية، وقد رحل إلى العراق مثل ابن ولاد وحمل عن علمائها علما كثيرا، وكان يعنى فى دروسه بشرح الشعر القديم، إذ فسّر عشرة دواوين منه كان يمليها على طلابه. ومن أهم مصنفاته اللغوية «شرح القصائد التسع المشهورات وتشتمل على المعلقات السبع، وهى منشورة ببغداد، ونشر له كتاب «شرح أبيات سيبويه» وهى أبيات كتابه المشهور.

وعلى هذا النحو أخذت مصر تنشط فى الدراسات اللغوية، ونشعر بهذا النشاط واضحا حين نزلها المتنبى، فقد انعقدت له حلقة كبيرة لسماع شعره، وسرعان ما تكوّنت له بطانة من علماء مصر اللغويين وأدبائها تروى شعره. مثل عبيد الله بن محمد بن أبى الجوع وفيه يقول الثعالبى:

«أحد رواة المتنبى الأدباء وأصحابه العلماء وممن تمهر فى لغات العرب (٣)» ومثل صالح بن


(١) انظر فى ترجمة ابن ولاد معجم الأدباء ٤/ ٢٠١ وإنباه الرواة ١/ ٩٩ وما به من مراجع.
(٢) راجع فى ترجمة أبى جعفر النحاس إنباه الرواة ١/ ١٠١ ومعجم الأدباء ٤/ ٢٢٤ وابن خلكان ١/ ٩٩.
(٣) اليتيمة ١/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>