للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مائة تصنيف كشرح البخارى وشرح ابن ماجة، وولى مشيخة الظاهرية للمحدّثين. ويلقانا بعده الحافظ (١) العراقى المولود بالقاهرة والمتوفى بها سنة ٨٠٦ وله فى الحديث مصنفات مختلفة، منها منظومة فى ألف بيت اشتهرت مع شرحها فى الآفاق، ومنها تخريج أحاديث كتاب الإحياء للغزالى. وأهم تلاميذه ابن حجر المتوفى سنة ٨٥٢ يقول السيوطى عنه: «انتهت إليه الرحلة والرياسة فى الحديث فى الدنيا بأسرها، فلم يكن فى عصره حافظ سواه، وألّف كتبا كثيرة «مثل فتح البارى فى شرح صحيح البخارى» وهو مطبوع، وله غير كتاب فى تراجم المحدثين. وأهم الحفاظ بعده السيوطى، وله شروح على الموطأ لمالك وصحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبى داود وابن ماجة إلى شروح أخرى كثيرة وإلى كتب فى الحديث ومصطلحه وتخريجاته تعد بالعشرات (٢)، من أهمها جمع الجوامع وهو دائرة معارف كبرى فى الحديث مع رواياته وأسانيده. ومر بنا فى القراء ذكر معاصره شهاب الدين القسطلانى وله إرشاد السارى إلى صحيح البخارى، وهو مطبوع. ونلتقى فى أيام العثمانيين بعبد الرءوف المناوى المتوفى سنة ١٠٣١ وله «كنوز الحقائق فى حديث خير الخلائق» وهو معجم يشتمل على عشرة آلاف حديث اختارها من أربعة وأربعين كتابا، وهو مطبوع مرارا. ويموج كتاب تاريخ الجبرتى بأسماء حفاظ الحديث وتلاميذهم وما كانوا يحملون من كتبه، ونكتفى بذكر أحد أعلامهم، وهو الحفنى محمد بن سالم المتوفى سنة ١١٨١ فقد ذكر الجبرتى أنه كان من جلة شيوخه الشيخ محمد البديرى الدمياطى، يقول: «أخذ عنه التفسير والحديث والمسندات والمسلسلات والإحياء للإمام الغزالى وصحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبى داود وسنن النسائى وسنن ابن ماجة وكتاب الموطأ لمالك ومسند الشافعى والمعجم الكبير للطبرانى والمعجم الأوسط والصغير له أيضا وصحيح ابن حبان والمستدرك للنيسابورى وحلية الأولياء للحافظ أبى نعيم وغير ذلك (٣)». ولعل فى هذا ما يدل بوضوح على نشاط مصر فى دراسة الحديث النبوى وروايته حتى نهاية هذا العصر، فقد ظلّ حفاظه النابهون يعدّون بالعشرات.

وكان لمصر نشاط خصب فى الفقه، ومعروف أن أقدم المذاهب فى النشأة المذهب الحنفى، وتبعه المذهب المالكى فالمذهب الشافعى فالمذهب الحنبلى، وتأخرت مصر فى التعرف على مذهب


(١) انظر فى العراقى الضوء اللامع للسخاوى ٤ رقم ٤٥٢ وحسن المحاضرة ١/ ٣٦٠ والشذرات ٧/ ٥٥.
(٢) انظر فى مؤلفات السيوطى فى الحديث كتابه حسن المحاضرة ١/ ٣٤٠.
(٣) تاريخ الجبرتى ١/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>