للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنى بموسيقاه وألحانه عناية واسعة بحيث لا يبدو فيها أى شذوذ، ومن جهة ثالثة استتم فن التصوير بفرعيه من التشبيه والاستعارة.

وكل هذه ألوان جمال تعجب بها عند زهير، فهو شاعر الجمال، وهو شاعر الحقيقة بحكمه، وهو شاعر الخير بدعوته إلى السلام وبما رسمه للفضيلة من مثل فيمن مدحهم، حتى ليروى أن عمر بن الخطاب استمع إلى بعض قطعه المتألقة فى مديح هرم، فقال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم (١)

والحق أنه يصور مثلا جيدا من أمثلة الشعر الجاهلى، فقد انتهى عنده هذا الشعر إلى صورة رفيعة للخير والحق والجمال، وكان ما يزال يجهد نفسه فى رسم خطوط هذه الصورة إجهادا عبر عنه القدماء بأنه حولىّ صاحب حوليات، وهل يمكن أن نتصوره محققا لهذه البراعة التى وصفناها بدون جهد عنيف كان يستنفد منه آمادا طويلة من الزمن؟ إن كل جانب فى شعره يدفعنا دفعا إلى الإيمان بأنه كان يعانى طويلا فى صنع قصائده وما يتخذه لها من هذا الإطار الفنى الدقيق.


(١) أغانى ١٠ - ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>