للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل منه العماد الأصبهانى تراجم طائفة منهم، ومن أهم شعرائه الرشيد بن الزبير وله كتاب فى شعراء مصر فى العهد الفاطمى سماه «جنان الجنان ورياض الأذهان» وهو مفقود، غير أن العماد الأصبهانى انتفع يتراجمه، وبالمثل ابن سعيد فى كتاب المغرب. ووفد على مصر زمان الفاطميين كثيرون من الشعراء النابهين فى البلاد العربية أمثال أبى الرقعمق الأنطاكى وصريع الدلاء البغدادى والتهامى المكى وابن حيّوس الدمشقى وأمية بن أبى الصلت الأندلسى المار ذكره آنفا.

ويظل نشاط الشعر المصرى فى زمن الأيوبيين بل يزداد نشاطا على نحو ما يصور ذلك كتاب بدائع البدائه لعلى بن ظافر الأزدى، وهو يسجّل الأشعار التى كان ينظمها الشعراء فى مجالسهم على البديهة. ونلقى هذه المجالس فى كل مكان إذ يجتمع الشعراء ويتخذون موضوعا طريفا لنظم أشعار على البديهة دون بطء ودون أناة كأن ينظموا فى بعض الأزهار إذا كان مجلسهم فى حديقة أو ينظموا فى فانوس السحور برمضان إذا كان مجلسهم فى ليلة من لياليه، ونحس فى هذا الكتاب كأن الشعر كان على لسان. ومن الأدلة على ازدهار الشعر فى أوائل زمن الأيوبيين وأواخر زمن الفاطميين أننا نجد العماد فى خريدته يخصّ مصر بمجلدين ترجم فيهما لمائة وأربعين شاعرا. وكان القاضى الفاضل فى الدولة الأيوبية مثل طلائع بن رزّيك والأفضل بن بدر الجمالى فى الدولة الفاطمية ممدّحا، والتف حوله عشرات من الشعراء، وكان بدوره شاعرا كبيرا. وأطلقت فتوح صلاح الدين وانتصاراته المدوية على الصليبيين ألسنة الشعراء فى مصر وجميع البلدان العربية حتى لم يكد يبقى شاعر نابه إلا قصده مادحا كما يقول ابن خلكان (١). ونرى فاضل بن راجى الله العطار المصرى يقدم لابنه سلطان مصر بعده العزيز (٥٨٩ - ٥٩٥ هـ‍) كتابا فى شعراء مصر لزمنه سماه «الشعراء العصرية بالديار المصرية» (٢). ويفد على مصر بأخرة من زمن الأيوبيين على بن سعيد الأندلسى كما يفد عليها ابن العديم علم حلب لزمنه ويصحبه معه إلى بلدته، وفيها يكتب له بين سنة ٦٤٤ و ٦٤٧ نسخة من كتابه المغرب، وفيه قسم كبير خاص بمصر وبلدانها فى الوجهين البحرى والقبلى، وقد اشتركت فى نشر القسم الخاص منه بالفسطاط وبه طائفة كبيرة من شعرائها، ونشر القسم الخاص بالقاهرة وبه أيضا شعراء أيوبيون كثيرون.

وتعنى كتب التاريخ والتراجم بشعراء مصر زمن الأيوبيين والمماليك، وفى مقدمتها وفيات الأعيان لابن خلكان وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبى والوافى بالوفيات للصفدى وكتاب الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة لابن حجر وكتاب الضوء اللامع فى أعيان القرن التاسع


(١) ابن خلكان (نشر دار الثقافة ببيروت) ٧/ ٢١١
(٢) المغرب: قسم القاهرة (طبع دار الكتب) ص ٣٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>