للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قواصد كافور توارك غيره ... ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا

وغير كثير أن يزورك راجل ... فيرجع ملكا للعراقين واليا

وظل المتنبى نحو أربع سنوات ينتظر أن يولّيه كافور على بعض بلدان الشام التابعة لمصر. حتى إذا نفد صبره ارتحل إلى العراق بليل وهجاه هجاء مرا.

وتستقبل مصر سريعا عهد الدولة الفاطمية، إذ ينزلها جوهر الصقلى ويؤسس بها القاهرة ومسجدها العظيم الأزهر ويتبعه المعز الخليفة الفاطمى، وتصبح القاهرة حاضرة لدولته الضخمة ودولة أبنائه وأحفاده من بعده ولا يلبث المعز أن يتوفى سنة ٣٦٥ ويخلفه ابنه العزيز (٣٦٥ - ٣٨٦ هـ‍) ويتخذ يعقوب بن كلّس وزيرا له، وكانا يجزلان العطاء للشعراء، مما جعل ألسنتهم تلهج بمديحهما، على شاكلة قول عبيد الله بن أبى الجوع فى إحدى مدائحه (١):

لولا العزيز وآراء الوزير معا ... تحيّفتنا خطوب تشعب الأمما

ولتميم بن المعز فى أبيه وأخيه العزيز مدائح طنانة، ونزل القاهرة فى عهد المعز أبو الرّقعمق الأنطاكى: أحمد بن محمد، وأقام بها زمانا طويلا حتى توفى سنة ٣٩٩ ويقول ابن خلكان:

«معظم شعره فى ملوك مصر ورؤسائها: مدح بها المعز وولده العزيز والحاكم بن العزيز والقائد جوهرا والوزير يعقوب بن كلّس وغيرهم من أعيانها» (٢) وينشد له قصيدة فى مديح ابن كلس.

وكان محمد بن القاسم بن عاصم الملقب بصنّاجة الدوح شاعر الحاكم، وأنشده فى زلزلة حدثت بمصر من قصيدة فى مديحه (٣):

بالحاكم العدل أضحى الدين معتليا ... نجل العلا وسليل السادة الصّلحا

ما زلزلت مصر من كيد يراد بها ... لكنها رقصت من عدله فرحا

ويلى الحاكم ابنه الظاهر، وينزل مصر فى أول عهده صريع (٤) الدلاء البغدادى، ويمدحه


(١) راجع خطط المقريزى ٢/ ٢٩٦ وانظر فى ابن أبى الجوع اليتيمة ١/ ٣٩٥ ومر بنا حديث عنه. تشعب: تفرّق وتفسد.
(٢) ابن خلكان ١/ ١٣١ وما بعدها وانظر فى أبى الرقعمق اليتيمة ١/ ٣٢٦ والعبر ٣/ ٧٠ والشذرات ٣/ ١٥٥.
(٣) المغرب (قسم القاهرة) ص ٣٢٨ وانظر فى صناجة الدوح حسن المحاضرة ١/ ٥٦٢
(٤) انظر صريع الدلاء فى تتمة اليتيمة ١/ ١٤ وفى ابن خلكان ٣/ ٣٨٣ والعبر ٣/ ١١٠ والشذرات ٣/ ١٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>