للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخلفه المستنصر (٤٢٧ - ٤٨٧.) ويعتلى الوزارة بدر الحمالى سنة ٤٦٨ ويصبح الأمر والسلطان منذ هذا التاريخ بيد الوزراء. ويخلفه على الوزارة ابنه الأفضل (٤٨٧ - ٥١٥ هـ‍). وكان شاعرا كما كان ممدحا، فبعث نهضة قوية فى الشعر، وصفها-كما مر بنا-أمية بن أبى الصلت فى رسالته المصرية، معددا فيها أسماء الشعراء فى زمنه ممن مدحوه وهجوه جميعا، ومن كبار مدّاحه ظافر الحداد وسنترجم له بين شعراء التشيع، وحسن بن زيد الأنصارى وسنترجم له بين الكتاب، وله فيه مدائح رائعة من مثل قوله (١).

أيامك الغرّ مصقول عوارضها ... كأن آصالها من رقّة بكر

أخملت ذكر ملوك كنت خاتمهم ... وأنجم الليل فى الإصباح تستتر

بعض الورى أنت لكن فقتهم شرفا ... إن الحجارة منها الدرّ والمدر

تخال راحته والمشرفىّ بها ... سحابة ظلّ فيها البرق يستعر

ولفظه جزل متين وصوره بديعة، مما يدل على شاعرية خصبة. ويلقانا بأخرة من الدولة الفاطمية الوزير طلائع بن رزّيك، وكان مثل الأفضل الجمالى راعيا لكثير من الشعراء مثل ابن قادوس والقاضى الجليس والمهذب بن الزبير وأخيه الرشيد. وتزخر الخريدة وكتب الأدب بمدائحهم لطلائع.

وكانت هناك مواسم كثيرة فى زمن الدولة الفاطمية يقدم فيها الشعراء مدائحهم للخلفاء. فى مقدمتها الأعياد وموالد الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء وابنيهما الحسن والحسين والخليفة الذى بيده صولجان الحكم وعيد الغدير ويوم عاشوراء وليالى رمضان وأول رجب وأول شعبان وأول السنة وأعياد النصارى وليلة الغطاس وليلة النّيروز ووفاء النيل وما يقترن به من فتح الخليج. وفى كل هذه الأعياد وما يماثلها كانت تقام احتفالات ضخمة، وكان الشعراء يهنئون بها الخلفاء، وكل يحاول أن يكون له قصب السبق على أقرانه.

ويصور لنا ذلك المقريزى من بعض الوجوه فى احتفال بوفاء النيل سنة ٥١٧ لعهد الآمر (٤٩٥ - ٥٢٤ هـ‍). إذ يذكر بعض الأشعار التى أنشدت وما كان يصحبها من نقد يبديه بعض لمستمعين، من ذلك (٢) أن ابن جبر أنشد فى هذا الاحتفال مدحة استهلّها بقوله:


(١) الخريدة للعماد الأصبهانى (قسم شعراء مصر) ٢/ ٧١.
(٢) خطط المقريزى ٢/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>