للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذه المخطوطات، وأغلب الظن أنها مختارات جمعت من نسخة ثعلب، وليست رواية مقابلة لها. وقد صورت دار الكتب المصرية أخيرا مخطوطة من المكتبة المتوكلية اليمنية بها ست وأربعون قصيدة ومقطوعة للأعشى، ويفجؤنا كاتبها فى فاتحتها بأن هذا كتاب فيه من شعر الأعشى، فهى لا تتضمن ديوانه إنما تتضمن مختارات منه، وهى مختارات تدل على أنها جمعت من نفس الرواية الكوفية، وإن كنا نجد فيها قصائد غير مثبتة فى رواية ثعلب، ولكن هذا لا يقوم دليلا على أنها لم تستق من روايته، فروايته التى نشرها جاير كما قدمنا غير كاملة، إذ تنقص بعض أوراق.

ومعنى ذلك أننا نفتقد فى شعر الأعشى الرواية البصرية، فيما عدا القصيدتين رقم ٦، ١١ فقد نصّ شارح الديوان على أن أبا عبيدة قرأ الأولى على أبى عمرو بن العلاء وأن الأصمعى سمع أبا عمرو ينشد الثانية حفظا، ونصّ الشارح أيضا على أن القصائد ٢٨، ٢٩، ٣٠، ٥٧، ٦٥، ٦٦ برواية أبى عمرو، وظن جاير-كما ذكر فى مقدمته-أنه أبو عمرو بن العلاء، وليس بصحيح إنما هو أبو عمرو الشيبانى، فهو الذى كانت تروى عنه الدواوين، وهو راوية كوفى ينقل عنه السكرى وثعلب وأضرابهما من الكوفيين. على أن الشارح نص فى القصائد ١، ٢٩، ٣٤، ٥٥، ٥٨، ٥٩، ٦٠ أنها من رواية أبى عبيدة البصرى، وإن كنا نلاحظ أن القدماء شكوا فى القصيدة رقم ٦٠ وقالوا إنها لابن دأب (١). على كل حال ليس بين أيدينا رواية بصرية كاملة للديوان، إنما بين أيدينا راوية كوفية فيها إشارات إلى بعض ما تضمنته الرواية البصرية.

فإذا لاحظنا أن الرواية الكوفية للشعر الجاهلى غير دقيقة وأنها تتزيد فيه كما لاحظنا سابقا فى دواوين امرئ القيس والنابغة وزهير كان من الواجب ألا نقبل روايتها لديوان الأعشى دون احتياط واحتراس شديد، وقد تصادف أن راويته الذى حمله عنه وأذاعه فى الناس كان نصرانيا معمرا هو يحيى (٢) أو يونس بن متى وأن هذا الراوى من الممكن أن يكون قد عبث بالديوان فأدخل فيه ما ليس منه، ليزيد بعض المعانى المسيحية، وقد روى عنه أنه كان يقول: «كان الأعشى قدريّا إذ يقول:

استأثر الله بالوفاء وبال‍ ... ‍عدل وولّى الملامة الرّجلا


(١) الديوان ص ٢٠٧.
(٢) الأغانى ٩/ ١١٢ ومصادر الشعر الجاهلى ص ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>