للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الذى هزم التتار فأصبحوا ... تغتالهم عند الكرى الأحلام

هذا الذى قهر الفرنج فكلّهم ... ترديهم من رعبه الأوهام

وقلما يتوفى سلطان بعد الظاهر فى زمن المماليك إلا ويبكيه الشعراء.

ومرّ بنا الحديث عن ابن نباتة وممدوحه السلطان المؤيد الذى دبّج فيه غرر المدائح، حتى إذا مات رثاه بمراث طنانة وفيها يبكيه بكاء حارا من مثل قوله فى إحدى مراثيه:

نعى المؤيّد ناعيه فوا أسفا ... للغيث كيف غدت عنا غواديه

واروعتا لصباح من رزيّته ... أظنّ أن صباح الحشر ثانيه

ليت الحمام حبا الأيام موهبة ... فكان يفنى بنى الدنيا ويبقيه

ليت الأصاغر يفدى الأكبرون بها ... فكانت الشّهب فى الآفاق تفديه

وهو تأبين ممزوج بندب وأنين، وحسرة ما بعدها حسرة، حتى ليتمنى لومات الناس جميعا فداء للمؤيد بل يتمنى لو كانت الشهب تستطيع أن تفديه.

ويستولى العثمانيون على مصر ويتعاقب عليها ولاتهم ولشعرائها فيهم وفى كبار الموظفين حيث يتوفون مراث كثيرة، من ذلك قول الشيخ محمد الغمرى فى رثاء الأمير إسماعيل بن إيواظ المتوفى سنة ١١٣٦ للهجرة (١):

أفى أمان وسيف الأمن قد غمدا ... وبدر أفق سماء العدل قد فقدا

وشمس نصر عباد الله قد كسفت ... ودولة العزّ ماتت بالذى لحدا

كم قد أغاث فقيرا من ظلامته ... وأبدل الجور عدلا والفسوق هدى

وتكثر مراثى العلماء الأعلام وتكتظ بمراثيهم كتب التراجم، وخاصة منذ عصر المماليك، من ذلك قول (٢) عبد الباسط بن خليل الحنفى، فى رثاء جلال الدين عبد الرحمن السيوطى حين توفى سنة ٩١١:

مات جلال الدين غوث الورى ... مجتهد العصر إمام الوجود

فياعيون انهملى بعده ... ويا قلوب انفطرى بالوقود

ويروى الجبرتى أنه لما مات الشيخ محمد العشماوى سنة ١١٦٧ قال بعض شعراء الوقت وهـ‍


(١) الجبرتى ١/ ١٢١.
(٢) بدائع الزهور لابن إياس ٣/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>