للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يكثر من تشطير بعض القصائد المشهورة، وكذلك من تخميس بعض الأبيات، وتصنّع لاستظهار مصطلحات بعض العلوم، ولكن فى خفة ودون أن نصطدم عنده بتكلف شديد، كقوله مستظهرا لمصطلحات المنطق، إذ يذكر المناطقة كثيرا المقدمات والبراهين والنتائج:

وشقائق قالت لنا بين الرّبا ... بمقدّمات ما بها إبهام (١)

برهان سعدى الآن أنتج قائلا ... دع وجنة المحبوب فهى ضرام

وله مراث مختلفة فيمن سميناهم من الشيوخ رعاته وفى غيرهم من علماء عصره، وممن رثاهم وتفجع عليهم طويلا الشيخ حسن المدابغى المتوفى سنة ١١٧٠ للهجرة، وله فيه مرثيتان مطلع أولاهما:

مضى عالم العصر الإمام لربّه ... حميد المساعى فاندبنه وبالغ

وفى خاتمتها ينشد:

ولما قضى ذاك المهذب نحبه ... وآب برضوان من الله سابغ

دعوت أحبّائى وقلت لهم قفوا ... معى عند ذا التاريخ نبكى المدابغى

ومطلع الثانية:

صبرا فذا الدهر من عاداته المحن ... وفى تلوّنه قد حارت الفطن

ويختمها بقوله:

والحور جاءتك بالبشرى مؤرّخة ... حلّيت من حلل الأبرار يا حسن

ولم ينشد له الجبرتى شيئا من مراثيه الأخرى، وكأنه اكتفى بالإشارة إلى مرثيتيه فى المدابغى، ومع ذلك فقد أنشد له مقطوعة فى رثاء نفسه وبكائها قبل موته، وفيها يقول:

ليت شعرى إذا دنا يارفاقى ... أجلى ثم هيّئوا لى ترابى

واغتدوا بى إلى محلّ به صح‍ ... بى جفونى وليس يرجى إيابى

هل إذا غربلوا التراب أيلقوا ... ذرّة من عظمى فيالمصابى

ويح هذى الدنيا التى تحرق الأك‍ ... باد قد مزّقت بلحدى إهابى

وبذاك القفر اغتديت رهينا ... ليس لى من زاد ولا من ركاب


(١) الشقائق: زهر أحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>