للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل لابن بدر مقال من صدقه ... لا تفرحن بالوزارة الخلقه

إن كنت قد نلتها مراغمة ... فهى على الكلب بعدكم صدقه

وهو هجاء مقذع إقذاعا شديدا. ونرى داود بن مقدام المحلى الملقب برضى الدولة المار ذكره يهجو بعض أصحاب الدواوين وما كانوا عليه من فساد فى جمعهم للضرائب، يقول (١):

وكتّاب لهم أبدا حمات ... تعدّ لها الرّقى مثل الصّلال (٢)

بأيد تبتدرن إلى الرّشاوى ... كأيدى الخيل أبصرت المخالى

فكأنهم يشبهون الزنابير والعقارب والأفاعى، إن لم يقدم لهم الرشاوى لسعوا من يجمعون منهم الضرائب كما يلسع الزنبور والعقرب بحمتهما أو إبرتهما وكما يلسع الصّل أو الأفعى بسمه القاتل.

ونلتقى فى أثناء ذلك بدعابات ساخرة كقول ابن قادوس يتهكم على الرشيد بن الزبير وكان شديد السواد (٣):

إن قلت من نار خلق‍ ... ت وفقت كلّ الناس فهما

قلنا صدقت فما الذى ... أطفاك حتى صرت فحما

وهى دعابة قد يقبلها الرشيد لما فيها من فكاهة خفيفة، ولابن قادوس أحيانا هجاء ملئ بالسموم وخاصة ممن يضيق بهم كقوله فى منافق ما يزال يتلوّن لكل شخص باللون الذى يعجبه، يقول (٤):

حوله اليوم أناس ... كلّهم يزهى برائه

وهو مثل الماء فيهم ... لونه لون إنائه

ونمضى إلى زمن الأيوبيين، ويلقانا ابن سناء الملك ساخطا على بعض معاصريه، يكويهم بسياط هجائه وخاصة من يسمى ابن عثمان، حتى ليود أن يصفع بالنعال على حد قوله (٥):

وكم له من وقعة ... لم تبق منه باقيه

وما عليه قطّ من ... صفع النّعال واقيه


(١) الخريدة ٢/ ٤٧.
(٢) حمات: جمع حمة وهى إبرة الزنبور والعقرب. والصلال: الأفاعى.
(٣) الخريدة ١/ ٢٢٩.
(٤) الخريدة ١/ ٢٣٣
(٥) الديوان ص ٨٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>