للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشجاره وثماره ... مثل الترائب والمخانق (١)

قد غنّت الأطيار فى ... طرقاته كلّ الطرائق

فاعتق فؤادك فيه من ... رقّ الهموم بشرب عاتق (٢)

فالأقحوان غصونه ... بيض النّواصى والمفارق

ومراود الأمطار قد ... كحلت بها حدق الحدائق

والطبيعة من حوله قد تجمعت فى حفل بسرادق بهيج وسائده من الزهر الملون، وكذلك مجالسه ومتكآته كأنما قد قطّعت وفصّلت من القاش أو من نسيج حريرى متعدد الأصباغ، بينما تطلّ عليه من الأشجار والثمار الترائب والقلائد. والطير تشدو وتغنى، منظر فاتن ومغنى ساحر، جدير بالشراب المزيل للهموم، والأقحوان يتمايل على أغصانه وكل ما فى الحدائق آخذ زينته وزخرفه، حتى العيون لم تنس كحلها، عيون الأزهار البديعة، فقد ناولتها الأمطار مراود تتمم بها زينتها وحسنها الفاتن. ومن قوله فى مطلع الربيع.

قد بيّضت قبّة السماء ... وزوّقت قاعة الفضاء

فالسماء بسحبها البيضاء الممتدة على الأفق من كل جانب كأنها قبّة بيّضت، والربيع بأزهاره وأنواره كأنه قاعة متألقة نقشت ونمّقت بمنمنمات الربيع وزخارفه البديعة. وعلى نحو ما تتجسد الطبيعة فى مناظر يتمثل فيها التجميع والحشد والتركيز يكثر عنده التشخيص وبث الحياة فى عناصر الطبيعة من مثل قوله:

قد حبا طفل الصباح ... بين دايات الرياح

وقوله:

السّحب ترضع من بنات الأرض ما ... جعل الربيع لها الغصون مهودا

وقوله:

أمهات الثمار بين الرّوابى ... تائهات بلبس خضر الثياب

وبنات الكروم تجلى بما قد ... صاغه الماء من عقود الحباب


(١) المخانق: القلائد.
(٢) العاتق: الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>