للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن البيت الثانى هو الذى آذى نفس الأفضل، فأعرض عنه وكفله عز الدولة بن فائق ويبدو أنه كان من كبار رجال الدولة الفاطمية، وله فى المديح كثير من الأبيات الطريفة كقوله:

يلقاك مبتهجا والغيث فى يده ... يهمى فيجمع بين الشمس والمطر

وقوله:

الطّود حاسد حلمه وأناته ... والسيف حاسد بأسه ومضائه

وله أشعار غزلية كثيرة كان يعرف كيف يسوق فيها أفكارا وصورا مبتكرة، وهو كالسابق إليها أو سابق فعلا من مثل قوله يصف خصلة من الشعر التوت على خد جميل فى شكل عقرب:

قلت إذ عقرب الدّلا ... ل على خدّه الشّعر

مارئى قطّ قبل ذا ... عقرب حلّت القمر

والحديث عن عقرب الشعر وقرنه ببرج العقرب قديم، وربما كان أروع من هذه الصورة، وهى بحق صورة مبتكرة له قوله:

لا تخدعنّك وجنة محمرّة ... رقّت ففى الياقوت طبع الجلمد

وعلى شاكلة هذه الصورة المبتكرة قوله:

الحسن فى وجنته وطرفه ... يفتح وردا ويغضّ نرجسا

وكانت له أشعار كثيرة فى المجون والخمر ومعاقرة الدنان، وكثيرا ما ينفذ منها إلى صور وخيالات بديعة من مثل قوله يصف الخمر وهى تصبّ من إبريق:

إبريقنا عاكف على قدح ... كأنه الأمّ ترضع الولدا

أو عابد من بنى المجوس إذا ... توهّم الكأس شعلة سجدا

وكان فى ابن مكنسة ميل شديد إلى الفكاهة والدعابة، وله فى ذلك نوادر وأشعار كثيرة، كان فيها يتماجن على طريقة أبى الشمقمق الذى عرضنا له فى كتاب العصر العباسى الأول، إذ كان دائم التصوير لبؤسه وفقره وخلو داره من الطعام وعبث الجرذان فيها وبنات وردان أو الصراصير، ويتابعه ابن مكنسة واصفا قبح داره وضيقها، قائلا:

<<  <  ج: ص:  >  >>