فى خدّها ضلّ علم الناس واختلفوا ... أللشقائق أم للورد نسبته
فذاك بالخال يقضى للشقيق وذا ... دليله أن ماء الورد ريّقه
وإذا غضضنا النظر عن حشره لعلم الناس واختلافهم فى خدّ صاحبته، فإن الصورة تبدو بعد ذلك بديعة ومعروف أن الشقيق قاتم الحمرة، وقد أبدع فعلا إذ جعل دليل نسبة الخد إلى الورد رى صاحبته الشبيه بمائه. ومن غزله أيضا:
لا تحجب الطيف إنى عنه محجوب ... لم يبق منى لفرط السّقم مطلوب
ولا تثق بأنينى إن موعده ... بأن أعيش للقيا الطّيف مكذوب
هذا وخدّك مخضوب يشاكله ... دمع يفيض على خدّىّ مخضوب
تأوّد الغصن مهتزّا فأنبأنا ... أن الذى فيك خلق فيه مكسوب
وإنه ليتمنى رؤية خيال المحبوبة قبل موته وهيهات، ويقول إنه يبكى دما قانيا كخد صاحبته فى حمرته. ويزعم أن ميلان الغصن واهتزازه إنما هو خلق فيه اكتسبه من تقليد صاحبته. وهو يستعير صورة الكسب فى البيت من رأى المعتزلة فى أن الإنسان يكسب عمله بفعله لا بقدر مقدور عليه.
وأهمية السراج الوراق فى تاريخ الشعر المصرى كأهمية الجزار، إنما ترجع إلى جانب الفكاهة والدعابة عنده، وقد خطا بفن التورية خطوة أوسع من خطوة صديقه الجزار، مستغلا فيها إلى أبعد حد لقبه: السراج الوراق كما استغل الجزار لقبه فى كثير من تورياته. ومن المؤكد أن السراج أربى عليه فى هذا الباب حتى قال له بعض معاصريه: «لولا لقبك وصناعتك لذهب نصف شعرك» ومن تورياته فى لقبه السراج قوله مادحا:
كم قطع الجود من لسان ... قلّد من نظمه النّحورا
فها أنا شاعر سراج ... فاقطع لسانى أزدك نورا
وهو يشير إلى السراج الحقيقى حين يقول «اقطع لسانى» وهو إنما يريد النوال الذى يقطع لسانه ويزيده مدحا وتنويها وإشادة. ومن تورياته فى لقبه الوراق:
واخجلتى وصحائفى قد سوّدت ... وصحائف الأبرار فى إشراق