وفضيحتى لمعنّف لى قائل ... أكذا تكون صحائف الورّاق
فهو خجل من لقاء ربه بصحائفه السود، ويقول له لائمه: أكذا تكون صحائف الوراق سوداء، بينما ينبغى أن تكون مشرقة بيضاء كصحائف زملائه من الوراقين. ومن تورياته فى غير لقبه «السراج» وصناعته «الوراق»:
أصون أديم وجهى عن أناس ... لقاء الموت عندهم الأديب
وربّ الشّعر عندهم بغيض ... ولو وافى به لهم حبيب
ولكلمة حبيب معنيان: معنى قريب من الحب، ومعنى بعيد هو أبو تمام إذ اسمه حبيب، وهو المعنى المراد. ومن تورياته البديعة قوله:
دع الهوينى وانتصب واكتسب ... واكدح فنفس المرء كدّاحه
وكن عن الراحة فى عزلة ... فالّصفع موجود مع الرّاحه
ولكلمة الراحة معنيان: معنى أول هو الراحة من الاستراحة، ومعنى ثان هو الكف أو اليد، ومن تورياته فى بقلة معروفة فى مصر باسم «الرجلة» وقد أضافه بعض أصدقائه، فداعبه قائلا:
وأحمق أضافنا ببقله ... لنسبة بينهما ووصله
إذ مدّ فى وجه الضيوف رجله
وهو لا يريد مد الرجل الحقيقية، وإنما يريد مد طعام الرجلة على المائدة، مما يدل بوضوح على حضور بديهة الوراق. ومن تورياته.
فسّر لى عابر مناما ... فصّل فى قوله وأجمل
وقال: لا بد من طلوع ... فكان ذاك الطلوع دمّل
والطلوع: الصعود والرقى، واستغل الوراق تسمية العامة للدمل طلوعا، وصنع هذه التورية البارعة. وفى كتاب خزانة الأدب للحموى توريات كثيرة للسراج الوراق اقتظفنا منها ما أنشدناه.
ووراءها توريات لا تقل عنها لطفا وبراعة.