وإفراطه، وإنما يريد مجاوزة الحد الشرعى فى العقوبة. ويتوقف طيف الخيال الأحدب ليرثى إبليس وغواياته ويندب تحطيم أوانى الخمر ودنانه وندمانها وسقاتها بمثل قوله:
مات-يا قوم-شيخنا إبليس ... وخلا منه ربعه المأنوس
والقنانى به تكسّرن والخمّ ... ار من بعد كسرها محبوس
وذوو القصف ذاهلون وقد كا ... دت على سيلها تسيل النفوس
والحرافيش حولها يتباكو ... ن بنار تراع منها المجوس
وقضيب ونرجس وسعاد ... باكيات ونزهة وعروس
والمرثية طويلة، واكتفينا منها بهذه الأبيات لندل على ما تموج به من هزل ودعابة. ويذكر طيف الخيال أنه جاء إلى مصر يبحث عن أخيه الأمير وصال، وهو أمير مزيف، ويظهر أخوه، ويطلب الأمير كاتبه، ويحدّثه فى توقيعات وودائع، ويأمره بكتابة تقليد بولاية، تدليسا وافتراء.
ويلقب الكاتب طيف الخيال بلقب صرّبعر انتقاما منه حين هزئ به، فى مقابل لقب لشاعر بغدادى مشهور يسمى صرّدرّ. ويذكر وصال لأخيه أنه قد عزم على ترك الخلاعة والمجون والتوبة إلى الله والعمل بعمل أهل السنة والجماعة، بادئا بالزواج. وتبدأ مشاهد التمثيلية من حين هذا اللقاء بين وصال وأخيه وتدور حول مشكلة الخاطبة فى الحقب الماضية وما كان ينشأ عنها من أغلاط فى تبين حقائق العروسين، فالزوج يدّعى أنه من أمراء الموصل ومعه كاتبه وحاسبه المزيف، وحقيقته أنه بائس فقير لا يملك شروى نقير كما يقول بلسانه فى التمثيلية، حين طلب منه المهر. وقد أطلق البخور ورشّ الطّيب على الحضور وينشد:
أمسيت أفقر من يروح ويغتدى ... ما فى يدى من فاقتى إلا يدى
فى منزل لم يحو غيرى قاعدا ... فإذا رقدت رقدت غير ممدّد
وترى البعوض يطير وهو بريشه ... فإذا تمكّن فوق عرق يفصد
والفار يركض كالخيول تسابقت ... من كلّ جرداء الأديم وأجرد
وترى الخنافس كالزنوج تصفّفت ... من كل سوداء الأديم وأسود
هذا ولى ثوب تراه مرقّعا ... من كل لون مثل ريش الهدهد
ومع ذلك يزفّ الأمير وصال على عروسه، وحين تكشف عن وجهها يصيبه الذهول لهرمها