ذوقه تراه مرّ والسبب فيه ... ما يرجع الفرع إلا لأصله
ولغة هذا الزجل تختلف عن لغة الزجلين السابقين، فهى أكثر خفة وقربا من اللغة العامية المصرية، وليس ذلك فحسب فهى تكتظ بالصور والاخيلة البديعة، وكأننا بازاء شاعر بارع يحسن تأليف الصور وايرادها فى موضع البراهين الساطعة، ومن طريف حكمه ووصاياه فى هذا الزجل نفسه قوله ناصحا صادقا:
لا تحتقر أىّ ابن آدم ... فى طول حياتك ولا تذمّه
كم حى خامل تقول عليه ... ما يعرف اسم البهيم من اسمه
وان جيت صاحبته فى يوم بيان لك ... تظهر معارفه وينجلى علمه
ويشبه الروض حين يبدو شوكه ... والورد مستور من تحت سلّه
والبحر تلقى الرّمم تعوم به ... والدرّ غايص مخلوط برمله
وهى وصية نفيسة أن لا يبادر الإنسان إلى الحكم حكما سريعا على شخص دون تبين حقيقته ومعرفة جوهره، والسّلّ فى العامية: الشوك. وبمثل هذا الزجل كان الغبارى إمام فنه فى زمنه غير مدافع.
(١) البان: شجر مقدود الأغصان تشبه به الحسان. والجلاب: ماء الورد والزهر.