للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيدى، فأسند إليه كتابة التقاليد والمراسيم والتوقيعات، حتى إذا توفى الخليفة الفاطمى المستعلى سنة ٤٩٥ وولّى الأفضل الجمالى ابنه الآمر (٤٩٥ - ٥٢٤ هـ‍) وهو فى الخامسة من عمره حينئذ نرى ابن الصيرفى هو الذى يكتب السجل بوفاة المستعلى وولاية الآمر. ويقرأ سجله على رءوس كافة الأجناد والأمراء. ويضيف إلى ذلك كتابا عن الآمر عند استقراره فى الخلافة بعد أبيه بأنه فوّض إلى الأفضل الجمالى وزيره تدبير شئون الدولة والرعية. ويكتب كتابا ثانيا إلى ولاة الأطراف بعد كتابة السجل أو العهد وتفويض الأمور إلى الأفضل مهنئا فيه بخلافة الآمر وتجديد ولايته. ويسجل القلقشندى فى صبحه طائفة أخرى من كتب ابن الصيرفى فى البشارة بسلامة الخليفة فى مواسم رمضان إذ كانت تكتب فى مواكب الجمعة الأولى والثانية والثالثة وكذلك فى عيد الفطر وعيد النحر، وحذف القلقشندى من تلك الكتب اسم الخليفة، وقد ظل يعمل فى ديوان الإنشاء لعهد الآمر برياسة الشيخ ابن أسامة، حتى إذا خلفه فيه ابنه أبو الرضا شركه فى رياسة الديوان، ثم انفرد برياسته لعهد الحافظ (٥٢٤ - ٥٤٣ هـ‍). ويبدو أنه ظل يعمل فيه حتى توفى سنة ٥٤٢.

ويذكر ياقوت أنه توفى لأيام طلائع بن رزيك وزير الخليفة الفائز بعد سنة ٥٥٠ ولعل التاريخ الأول لوفاته هو الصحيح.

وكان ابن الصيرفى كاتبا بليغا بل يعدّ أبلغ الكتاب المصريين زمن الفاطميين، وفيه يقول ياقوت: «أحد فضلا المصريين وبلغائهم مسلّم ذلك له غير منازع فيه. . وله رسائل أنشأها عن ملوك مصر تزيد على أربع مجلدات» ويشيد ابن سعيد فى المغرب ببلاغته قائلا: «وقعت على ترسله فى مجلدات عدة، فوجدت [القاضى] الفاضل البيسانى ينسج على منواله وينزع منزعه» وسنعرف عما قليل أن القاضى الفاضل أبرع كتاب مصر فى هذا العصر. وتتضح مهارة ابن الصيرفى البيانية فى أول كتاب احتفظ له القلقشندى به، وهو السجل الذى كتبه على لسان الآمر بوفاة الخليفة المستعلى وولايته الخلافة بعده سنة ٤٩٥ وقد استهله بحمد الله والصلاة على الرسول وعلى آله الطيبين الطاهرين الأئمة المهديين، يقصد آباءه من الخلفاء الفاطميين، ويقول إن الله استرعى الأئمة هذه الأمة مشيرا بذلك إلى أن الله اصطفاه لهداية الناس، ويصلّى على جدّه لأبيه على بن أبى طالب، ويقول «إن الله أكرمه بالمنزلة العلية، وانتخبه للإمامة رأفة بالبرية، وخصّه بغوامض علم التنزيل، وجعل له مبرة التعظيم ومزية التفضيل». وكل ذلك ترداد لما كان يبدئ الفاطميون فيه ويعيدون من تفضيل علىّ بن أبى طالب على أبى بكر وعمر وغيرهما من جلّة الصحابة، وأن الله خصه بعلم فوق العلم الدينى المعروف للأمة، به يعرف المعنى الحقيقى للقرآن أو المعنى الخفى الذى

<<  <  ج: ص:  >  >>