للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلال يدربه حتى أتقن فن الكتابة. ويبدو أنه أحسّ أن المكانة التى يريدها لنفسه فى ديوان الإنشاء بالقاهرة من الصعب تحقيقها سريعا لكثرة منافسيه فيه، فرحل إلى ابن حديد قاضى الإسكندرية ومتولى الأمر فيها لعله يحقق لنفسه ما يريد من الشهرة، ورحّب به ابن حديد وعهد إليه بالكتابة عنه وظل عنده ثمانى سنوات، وكانت كتبه تسترعى أنظار موظفى الديوان الفاطمى لفصاحته فيها وحسن بيانه. ويقول الرواة إنها لفتت نظر العادل بن رزيك حين تقلد الوزارة للعاضد آخر الخلفاء الفاطميين سنة ٥٥٦ فأرسل إلى ابن حديد فى طلبه ليعمل فى دواوينه، وأرسله إليه، ووظفه رئيسا لديوان الجيش وتوثقت الصلة بينه وبين الوزير. ويبدو أنه انتقل من ديوان ابن حديد إلى دواوين الخلافة بالقاهرة فى وقت مبكر عن خلافة العاضد (٥٥٥ - ٥٦٧) إذ نرى فى الجزء التاسع من صبح الأعشى ص ٣٧٩ عهدا من إنشائه بولاية العهد من خليفة لولده بالخلافة ولم يذكر اسم الخليفة، وآخر خليفة فاطمى تولى الخلافة بعد أبيه الفائزين الظافر الذى تقلدها من سنة ٥٤٩ إلى سنة ٥٥٥ ووليها بعده عمه العاضد آخر خلفائهم. وواضح أن هذا العهد يؤكد أن القاضى الفاضل عمل فى دواوين القاهرة على الأقل فى عهد الفائز بل لا بد أن يكون قد عمل فيها قبله فى عهد أبيه الظافر (٥٤٣ - ٥٤٩) حتى يمكن أن يكتب عنه هذا العهد. وقد استخلصه الموفق ابن الخلال رئيس ديوان الإنشاء لنفسه فكان يكتب بين يديه. ولا يلبث شاور أن يقتل العادل ويستولى على مقاليد الوزارة سنة ٥٥٨، وينشب خلاف عنيف بين شاور وضرغام على نحو ما مر بنا فى الفصل الأول من هذا القسم، ويستنجد شاور والخليفة العاضد بنور الدين صاحب حلب، ويقدم عليه شاور ويرسل معه بعساكر يقودها أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين، وينصرانه. وسرعان ما يعض اليد التى نصرته. وتتطور الأمور ويستعين شاور بالصليبيين مرارا، ويستصرخ العاضد نور الدين فيرسل إليه شير كوه وابن أخيه صلاح الدين المرة تلو المرة ولكن «شاور» لا يثوب إلى رشده فيفتك به ويقتل، ويتقلد أسد الدين شير كوه الوزارة المصرية للخليفة العاضد.

وفى هذه الأثناء كان القاضى الفاضل يكتب السجلات والتقاليد والمنشورات عن العاضد بين يدى الموفق بن الخلال، وكان قد أخذ بصر الموفق يضعف جدا حتى أضرّ، فأصبح القاضى الفاضل هو المتصرف فى المكاتبات باسم العاضد وفى الجزء التاسع من صبح الأعشى ص ٣٧٩ عهد من إنشائه بولاية العهد من خليفة لولده بالخلافة، ولم يذكر اسم الخليفة، وأكبر الظن أنه العاضد، وتكثر العهود والسجلات من إنشائه فى الجزء العاشر مما كتب به عن العاضد إلى القضاة

<<  <  ج: ص:  >  >>