للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بربه وطمعه فى غفرانه وعفوه إذ يرى كل صلاته ونسكه وعبادته وكل ما قدم يقصر عن حق إلهه.

ويروى السبكى مناجاة لصوفى شاذلى من صوفية القرن الثامن هو شمس (١) الدين بن اللبان محمد ابن أحمد المتوفى سنة ٧٤٩ وقد أخذ الطريقة الشاذلية عن ختنه (والد زوجته) ياقوت العرشى تلميذ أبى العباس المرسى، ويقول السبكى إنه نقل مناجاته عن كتابه «المتشابه فى الربانيات» وهى تطرد على هذا النمط.

«الهى! جلّت عظمتك أن يعصيك عاص، أو ينساك ناس، ولكن أوحيت روح أوامرك فى أسرار الكائنات، فذكرك الناسى بنسيانه، وأطاعك العاصى بعصيانه، وإن من شئ إلا يسبّح بحمدك، إن عصى داعى إيمانه فقد أطاع داعى سلطانك، ولكن قامت عليه حجّتك، ولله الحجّة البالغة: (لا يسال عما يفعل وهم يسألون).

ويبدو أن كتاب المتشابه فى الربانيات كان شطحات كثيرة على نحو ما نرى الآن من قوله: إن العاصى يطيع الله بعصيانه وإنه إن عصى داعى إيمانه فقد أطاع داعى سلطانه، فكيف يعد العاصى لله مطيعا له؟ وإذن لا يكون فى الدنيا عاص ومطيع. ولذلك يقول السبكى إن هذه المناجاة مما أخذ عليه. ويقول ابن حجر: ضبطت عليه كلمات على طريق الاتحادية القائلين بالحلول، كما يقول إن له كتابا على لسان الصوفية، فيه من إشارات الصوفية القائلين بالوحدة، وهو فى غاية الحلاوة لفظا وفى المعنى سم قاتل.

وكان يعاصره يوسف (٢) بن عبد الله العجمى الكردىّ المصرى الدار المتوفى سنة ٧٦٨ وقد دفن بزاويته بقرافة مصر. ويقول ابن حجر: «له زوايا فى عدة بلاد». ويصفه ابن تغرى بردى بقوله: «الإمام العالم المسلّك الصوفى العارف بالله تعالى المعتقد. . وقبره يقصد للزيارة، كان شيخا حقيقة ومقتدى طريقة، كان إمام المسلّكين (آخذى العهود على المريدين) فى عصره وله رسالة فى التصوف سماها «ريحان القلوب والتوصل إلى المحبوب». ومن هذه الرسالة مخطوطتان بدار الكتب المصرية وقد ذكر فيها شرائط التوبة ولبس الخرقة أو المرقعة الصوفية وتلقين الذكر. . ويقول ابن تغرى بردى: انتفع بصحبته جماعة من العلماء والصلحاء والفقهاء، وكان


(١) انظر ابن اللبان فى الدرر الكامنة ٣/ ٤٢٠ والسبكى ٩/ ٩٤ وحسن المحاضرة ١/ ٤٢٨ والوافى بالوفيات للصفدى ٢/ ١٦٨ ومرآة الحنان ٤/ ٣٣٣ وشذرات الذهب ٦/ ١٦٣
(٢) انظر فى يوسف العجمى النجوم الزاهرة ١١/ ٩٤ والدرر الكامنة لابن حجر ٥/ ٢٣٨ والشعرانى ٢/ ٧١ وحسن المحاضرة ١/ ٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>