للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسوا من التصوف فى شئ. فالصوفى يعمل ويحنى ثمرة عمله ولا يسأل سوى ربه راضيا برزقه ونصيبه من دنياه، ويقول ابن حجر: «كان المتكلم على لسان الصوفية فى زمانه» والّف فى مناقب شيخه أبى العباس المرسى وأبى الحسن الشاذلى كتابه «لطائف المنن» فأرسى به الطريقة وتعاليمها وكتب لها الذيوع. ويقول الذهبى: «كانت له جلالة عجيبة ووقع فى النفوس ومشاركة فى الفضائل» ويقول السبكى: «كان إماما عارفا صاحب إشارات وكرامات وقدم راسخ فى التصوف» ويقول صاحب النجوم الزاهرة فى التعريف به «الشيخ القدوة العارف بالله تعالى الصوفى الواعظ المذكّر المسلّك، وكان يحضر حلقة وعظه خلق كثير، وكان لوعظه تأثير فى القلوب وكان له معرفة تامة بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق». وصنّف ابن عطاء الله «لطائف المنن فى مناقب أبى العباس المرسى وشيخه أبى الحسن والتنوير فى إسقاط التدبير، والمرقى إلى القدس الأبقى، وتاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس، ومفتاح (١) الفلاح ومصباح الأرواح». وواضح من عنوانات هذه المصنفات أنها كتب صوفية. وله أقوال وكلمات بليغة دوّنها أصحابه فى كتاب باسم «حكم ابن عطاء الله السكندرى» وهى منشورة. وله أشعار على طريقة الصوفية. أنشدنا منها مقطوعة فى غير هذا الموضع. وتوفى بالمدرسة المنصورية كهلا سنة ٧٠٩ ودفن بجبانة (٢) آل أبى الوفا شرقى جبانة الإمام الليث، وكانت جنازته-كما يقول مترجموه- حفلة لكثرة أتباعه من الفقهاء والعلماء والعامة.

وكان ابن عطاء الله إذا وعظ استرسل فى وعظه، وقد يذكر آية قرآنية أو حديثا نبويّا فتتوالى سيول القول، من ذلك ما جاء فى وصفه للرسول صلّى الله عليه وسلم فى كتابه «لطائف المنن» إذ يقول:

«مشرق الأنوار ومعدن الأسرار، من له الفتح والختام، والحائز للمقامات العلية بالتمام، رسول رب العالمين، وسيد الأولين والآخرين، محمد صلّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. فهو نور الأنوار وسر الأسرار، إليه تنزل الأسرار الربانية، وعنه تؤخذ المعارف الإلهية. أخذ أهل الظاهر عنه ظاهرهم، وأخذ أهل الباطن (الصوفية) منه باطنهم، وقال صلّى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء، وكل على قدر إرثه، وإرثه على قدر نوره، ونوره على قدر فتحه، وفتحه على قدر صفاء قلبه، وصفاء قلبه على قدر معرفته بربه، ومعرفته بربه على حسب ما سبق له من حبه».


(١) انظره مطبوعا مع لطائف المنن على هامش كتاب لطائف المنن والأخلاق فى بيان وجوب التحدث بنعمة الله على الاطلاق للشعرانى (طبع المطبعة الميمنية)
(٢) فى الإسكندرية مسجد منسوب إليه، ولعله كان يلقى فيه أحيانا بعض مواعظه

<<  <  ج: ص:  >  >>