للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضوا مع أبيها فى الرحلة إلى إفريقيا، وهناك زوّجوها من ابن عمها ولكن قلبها ظل معلقا بزوجها الأول حتى ماتت من شدة هيامها وحبها له. وهى قصة صحيحة فى أصلها المتصل بشكر أمير مكة وزوجته الجازية، مما يدل على أن عشائر هلالية من الجزيرة قدمت على بنى هلال بالصعيد أو بعد تركهم له مباشرة وواصلت بدورها الهجرة إلى المغرب.

والأساس فى السيرة تاريخى صحيح وهو هجرة بنى هلال ومن معهم من القبائل القيسية إلى المغرب واستيلاؤهم على بعض مدنه، غير أن الأحداث بعد ذلك تمضى وكأنها أضغاث أحلام لتلك الهجرة الكبيرة إذ سمّى القصاص بطلها أبازيد الهلالى وسموا خصمه فى قبيلة زناتة: الزناتى خليفة. وبذلك غابت عن السيرة قبيلة صنهاجة وأميرها المعز بن باديس الصنهاجى، كما غاب زعيم القبائل يحيى الرياحى وابنه مؤنس. وقد يرجع ذلك إلى أن القاص أو القصاص الذين وضعوها كانوا بمصر بعيدين عن ساحة الأحداث أو ساحاتها فبدت وقائعها وكأنها أخلاط أحلام، بما فى ذلك اسم بطليها العربيين الخياليين: أبى زيد الهلالى ودياب بن غانم الزغبى.

وأغلب الظن أن ذلك يرجع إلى أنها تأخرت فى وضعها طويلا عن زمن أحداثها ولذلك كنا نظن أنها ألفت فى القرن السابع الهجرى أو بعده فى القرن الثامن وهى مكتوبة باللغة اليومية: شعرا ونثرا، وقد تعلق بها الشعب المصرى فى ريفه وحضره، وعادة كان يلقيها على الناس منشد على ربابة فى المقاهى والحفلات، يسمونه الشاعر. وللسيرة ثلاث مراحل: مرحلة الريادة إلى بلاد المغرب، وفيها يرود الطريق بطلها الخيالى أبو زيد الهلالى وأبناء أخته يحيى ومرعى ويونس وفى تونس يلقى بهم فى غياهب السجون، ويستطيع أبو زيد الفرار من السجن ويستنفر القبيلة لتخليص أبنائها الثلاثة. والمرحلة الثانية تسمى التغريبة وفيها تهاجر القبيلة إلى تونس وتمكنها سعدى ابنة ملكها الزناتى خليفة من دخولها وتفك القبيلة الأسرى الثلاثة. ويأخذ الحسن بن سرحان القيروان ودياب تونس وأبو زيد الأندلس ويستولون على قلاع كثيرة حتى يصلوا إلى أقصى المغرب. والمرحلة الثالثة خاصة بأبناء الأبطال ويسمون الأيتام، وفيها يجمع زيدان بن أبى زيد الهلالى العرب من الشام والحجاز ويلتقى بهم فى صعيد مصر ويرحل معهم إلى تونس ويشدد الحصار عليها وعلى أميرها دياب بن غانم الزغبى ويوافيه الهلالية من الأندلس ويفتحون جميعا المدينة ويقتلون دياب بن غانم. ويتنازل الهلالية عنها لابن الزناتى خليفة ويتأمّر على الهلالية ابن الحسن بن سرحان، ويعود زيدان الهلالى إلى صعيد مصر، كما يعود الهلالية الذين قدموا من الأندلس إليها. وبذلك تنتهى السيرة، وهى تمتلئ بانطباعات مصرية كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>