للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجالا، تارة تنتصر هذه وتارة تنتصر تلك. وكان لا بنى يحمّس قومه ويدعوهم إلى مواصلة القتال، مفصحا فى أثناء ذلك عن رغبة حارة فى الانتقام، واسمعه يقول: (١)

وإنى قد تركت بواردات ... بجيرا فى دم مثل العبير (٢)

وهمّام بن مرة قد تركنا ... عليه القشعمان من النّسور (٣)

وصبّحنا الوخوم بيوم سوء ... يدافعن الأسنّة بالنّحور (٤)

كأنا غدوة وبنى أبينا ... بجوف عنيزة رحيا مدير (٥)

فلولا الريح أسمع أهل حجر ... صليل البيض يقرع بالذكور (٦)

وواضح أنه يفخر بانتصاراته على بكر فى موقعة واردات وموقعة عنيزة، وقد قتل فى الأولى بجير بن الحارث بن عباد أحد فرسان بكر كما قتل همام بن مرة أخا جساس، وكم قتلوا من عشيرة الوخوم، ولم يكن يوم عنيزة بأقل من يوم واردات فيما اصطلته بكر من حرّ اللقاء.

ومن فرسانهم المشهورين عامر بن الطّفيل (٧) فارس بنى عامر بن صعصعة أقوى عشائر هوازن وأشدها بأسا، وكان بنو عامر ينتشرون فى أواسط نجد شرقى الحجاز، وجنوبى منازل عبس وذبيان، وغربى منازل بنى تميم، وكانت مراعيهم تمتد جنوبا حتى بنى حنيفة فى اليمامة وبنى الحارث بن كعب فى نجران ومذحج فى شمالى اليمن. ولما نشبت الحروب بين عبس وذبيان أخذوا صف عبس، فاصطدموا بذبيان وأحلافها، وقد جعلهم انتشارهم فى أواسط نجد يحاربون


(١) الأصمعيات (طبع دار المعارف) ص ١٧٤ والأغانى ٥/ ٥٣.
(٢) واردات: موضع سميت به موقعة حدثت فيه بين بكر وتغلب فى حرب البسوس. العبير: الزعفران.
(٣) القشعم من النسور: الفسخم، وهمام: أخو جساس قاتل كليب.
(٤) الوخوم: عشيرة من بكر.
(٥) عنيزة: موضع سميت به إحدى وقائع حرب البسوس. والرحيان إذا أدارهما مدير أثرت كل منهما فى الأخرى، والصورة واضحة.
(٦) حجر: قرية باليمامة. البيض: خود الحرب. يقرع: يضرب. والذكور: أجود السيوف وأيبسها وأشدها.
(٧) انظر أخبار عامر فى الأغانى (طبعة الساسى) ١٥/ ٥٠، وراجع ترجمته الشعر والشعراء ١/ ٢٩٣ وانظر الخزانة ١/ ٤٧٣، ٣/ ٤٩٢ والمعمرين ص ٦٠ وشرح النقائض فى يوم فيف الريح ص ٤٦٩ وشعب جبلة ص ٦٥٤ وتاريخ ابن كثير ٥/ ٥٦ والسيرة النبوية ٤/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>