للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٣٣ - ٧٥٥) الذى أنشأ لأول مرة فى غرناطة-بل ربما أيضا فى الأندلس-مدرسة سماها المدرسة (١) النصرية. ومعروف أنه لم يكن لأهل الأندلس مدارس لتعليم فروع العلم، بل كانوا يدرسونها جميعا فى المساجد أو فى دور العلماء أنفسهم، إذ كان كثيرون منهم يعلمون الطلاب فى منازلهم، ولم يكن ذلك قاصرا على أصحاب علوم الأوائل بل كان عاما عند أصحاب العلوم اللغوية والدينية وأيضا عند بعض معلمى الكتاتيب. ومع أن الأندلس لم تعرف المدارس قبل القرن الثامن الهجرى فإن الحركة العلمية ازدهرت بها ازدهارا عظيما كما رأينا سواء فى المساجد أو فى منازل العلماء التى كانت تتحول إلى ما يشبه المدارس منذ القرنين الثانى والثالث الهجريين.

وحظيت المرأة فى هذه الحركة العلمية بغير قليل من العلم والتعليم، ومعروف أن الإسلام يلزم أتباعه رجالا ونساء بأخذ قسط من التعليم فكان طبيعيا أن تقبل المرأة الأندلسية عليه حتى تتعرف على فروض دينها وخاصة من العبادات وحتى تحفظ أجزاء من القرآن وقد تحفظه جميعه. وكانت تتعلم بداخل الدور، وكان الأمراء يختارون المؤدبين لبناتهم ولجواريهم وكانت قصورهم تكتظ بهن، ومثلهم الوزراء وأصحاب الثراء. وتذكر كتب التراجم بجانب المؤدبين مؤدبات كن يتفرغن لتأديب الصبيان فى الصغر مثل ابنة حزم التى كانت تشترك مع أبيها وأخيها فى تأديب الناشئة بدار واحدة (٢) وكان قيام المؤدبين بهذه المهمة أوسع، ولم يكن هناك عالم فى أى فرع من فروع العلم إلا ويأخذ بناته بالتعليم المبكر. وكثيرات كن لا يكتفين بتعلم القراءة والكتابة وشئ من الحساب مع حفظ بعض المختارات من الشعر، بل كنّ يحاولن استيعاب العلوم ويتفرغن لإتقانها، واشتهرت البهاء بنت الأمير عبد الرحمن بن الحكم الربضى (٢٠٦ - ٢٣٨ هـ‍) بأنها كانت زاهدة عابدة متبتلة وكانت كما مر بنا تكتب المصاحف وتقفها على القراء بالمساجد (٣) وكانت تعاصرها أم الحسن بنت سليمان بن وانسوس وزير الأمير محمد والمنذر وعبد الله وقد تتلمذت للمحدث بقى بن مخلد المتوفى سنة ٢٧٦ وروت عنه سماها منه وقراءة عليه، وصحبته، وكان لها يوم فى الجمعة تنفرد فيه به لأخذ العلم عنه بداره،


(١) راجع هذه المدرسة فى ترجمة رضوان النصرى فى الإحاطة ١/ ٥٠٨ وبها لوحة تحدد تاريخ الانتهاء من بنائها بسنة ٧٥٠.
(٢) التكملة لابن الأبار رقم ٩٧ وانظر رقم ٣١٢.
(٣) الذيل والتكملة للمراكشى (طبع أكاديمية المملكة المغربية-تحقيق محمد بن شريفة) ٨/ ٢/٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>