اسم معلم أو معرف، ويعنى المعلم بالتفريعات المنطقية غالبا بينما يعنى المعرف بالدلالات النفسية، وكل فصل يختم بملاحظات سماها مأمّا أى مقصدا، وكل فصل تتناثر فيه كلمات إضاءة وتنوير، والإضاءة بسط لفكرة فرعية، والتنوير بسط لفكرة جزئية. وقد حقق الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة الأقسام الثلاثة الباقية من الكتاب تحقيقا علميا سديدا وقدم لها بمدخل علمى قيم تناول فيه مصادر حياة حازم وحياته ومصنفاته وتحليل كتابه ومميزاته ومنزلته بين كتب النقد العربية.
وحازم فى كتابه يمزج بين قواعد النقد والبلاغة عند العرب وقواعدهما عند اليونان، وقد ذكر من أصحاب البلاغة والنقد العربى الجاحظ صاحب البيان والتبيين أربع مرات، وذكر ابن سنان الخفاجى صاحب سر الصناعة مرارا وأكثر من ذكر قدامة صاحب نقد الشعر. وأما اليونان فعوّل فيهم على أرسطو من خلال تلخيص ابن سينا لكتابه عن الشعر فى الفن التاسع من كتاب الشفاء وقد أشار إليه فى الكتاب أربع عشرة مرة كما أشار إلى تلخيص الفارابى للكتاب مرتين، ويصرح بأنه ذكر من تفاصيل صنعة الشعر ما جاء عند ابن سينا خاصة عنه. وهو فى أكثر كتابه يعد شارحا لما جاء عنده من أقاويل أرسطو، وقد سيطرت عليه فكرة أرسطو المشهورة؛ أن الشعر محاكاة لأعمال الناس، وغاب عنه أنه كان يتحدث عن الشعر اليونانى والمأساة فيه وأنها تمثل أعمالا وأفعالا للناس. وجعله ذلك يظن أن المحاكاة هى تشبيه الأشياء. ومع سيطرة هذه الفكرة فى الكتاب نفذ حازم إلى كثير من الآراء البصيرة الدقيقة عن الشعر. وهو فى القسم الثانى أول الأقسام المنشورة من كتابه يبحث فى الشعر وقيامه على التخييل فى المعانى والتصرف فيها وطرق اجتلابها وتأثيرها فى النفوس دافعا عن معانى الشعر ما لا يلائمها من المعانى العلمية مع بيان طريقة انتقاء الشعراء لمعانيهم ووجوه تأليفها وبيان ما ينبغى لكل عمل فنى من مهيآت وأدوات وبواعث، وألم بما رآه فى البلاغة والنقد العربيين من الحديث عن المطابقة والمقابلة والتقسيم والتفسير والتفريع، ويقول إنه لا بد فى الشعر من إثارة الإغراب والتعجب، ونفى عن الشعر ما يقال بسبب المبالغة فيه من انطوائه على الكذب، ويقول إنه أكثر صدقا من الخطابة القائمة على إيقاع الظن إيقاع اليقين، وينبه على أهمية الاستعارة والتشبيه، وينوّه بآراء علماء البلاغة والنقد من العرب. وفى القسم التالى يبحث فى الملكة الشعرية ومقوماتها وفى أوزان الشعر واستخدامها وأعاريضها ويحاول أن يصور مدى تناسبها مع الأغراض الشعرية، ويقول إنه لا بد فى القصيدة من ترابط أجزائها ويشيد بالمتنبى وصنيعه المحكم فى قصائده. وفى القسم الأخير قسّم الشعر