للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس. وأول فقيه أندلسى مالكى يعدّ-بحق-بين أئمتها المالكيين عيسى (١) بن دينار المتوفى سنة ٢١٢ ويقول ابن حيان فى المقتبس: «رحل عيسى فأدرك أصحاب مالك، وسمع من عبد الرحمن بن القاسم رئيس المدرسة المالكية بمصر حتى وفاته سنة ١٩١ واقتصر عليه فاعتلت فى الفقه المالكى طبقته. . وكان محمد بن وضاح يقول:

«هو الذى علّم أهل الأندلس الفقه» ويقول أيضا ابن حيان: «كان لا يعدّ فى الأندلس أفقه منه فى نظرائه» وله فى الفقه المالكى كتاب الهداية، وفيه يقول ابن حزم إنه من أرفع الكتب وأجمعها فى معناها على مذهب مالك وتلميذه عبد الرحمن بن القاسم (٢). وتألق فى الفقه المالكى بالأندلس بعد ابن دينار نجم يحيى (٣) الليثى المتوفى سنة ٢٣٤ وقد سمع الموطأ فى أول نشأته بالأندلس من شبطون ورحل فى الثامنة والعشرين من عمره إلى المشرق ولحق الليث بن سعد فقيه مصر، كما لحق مالكا وسمع الموطأ منه إلا بعض أبواب سمعها فى الفسطاط من عبد الرحمن بن القاسم. وكان أقرب الفقهاء إلى الأمير عبد الرحمن بن الحكم الربضى (٢٠٦ - ٢٣٨ هـ‍) وكان يلتزم من إعظامه وتكريمه وتنفيذ أموره ما يلتزمه الولد لأبيه ويقول ابن حزم: «إنه كان لا يولّى قاضيا إلا بمشورته واختياره ولا يشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه المالكى وبذلك انتشر مذهب مالك فى الأندلس». ولم يقبل تولى القضاء إذ فرّغ نفسه للدراسة ولقاء طلابه الكثيرين.

وحرى بنا أن نتوقف قليلا لنوضح-من بعض الوجوه-مدى ما كان للفقهاء المصريين من تأثير فى الفقه المالكى وفقهائه فى الأندلس فإن إمامهم عيسى بن دينار تخرّج فى الفقه المالكى على يد عبد (٤) الرحمن بن القاسم، وتخرّج مثله على يده سحنون


(١) انظر فى ابن دينار ابن الفرضى رقم ٩٧٣ والحميدى ص ٢٧٩ والضبى ص ٣٨٩ والمقتبس لابن حيان (طبعة بيروت-تحقيق مكى) ص ٧٨، ٩٩.
(٢) النفح ٣/ ١٦٧ وترتيب المدارك للقاضى عياض (طبعة الرباط) ١/ ١٧
(٣) راجع فى يحيى المقتبس ص ٤٢ و ٨٣ وما بعدها وابن الفرضى رقم ١٥٥٤ والحميدى رقم ٩٠٨ وابن خلكان ٦/ ١٤٣ والمغرب ١/ ١٦٣ وترتيب المدارك لعياض (طبع بيروت) ١/ ٥٣٤.
(٤) يذكر كثيرا فى النصوص الأندلسية أن الفقهاء كانوا يلتزمون بآراء عبد الرحمن بن القاسم المصرى الفقيه حتى ليقول أبو الوليد الشقندى فى رسالته التى كتبها فى فضل الأندلس واحتفظ بها المقرى فى النفح (طبعة د. إحسان عباس) ٣/ ٢١٦: «أهل قرطبة أشد الناس محافظة على العمل بأصح الأقوال المالكية حتى إنهم كانوا لا يولون قاضيا إلا بشرط أن لا يعدل فى أحكامه عن مذهب ابن القاسم».

<<  <  ج: ص:  >  >>