للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس إمام مذهب الظاهرية فى الأندلس على (١) بن أحمد بن حزم المتوفى سنة ٤٥٦، وكان من أسرة نابهة، إذ كان أبوه وزيرا للمنصور بن أبى عامر، ونشأ نشأة مترفة، ولم تلبث الفتنة أن هبت على قرطبة منذ سنة ٤٠٠ فخرج من قرطبة وعاد إليها مرارا وأقامه المستظهر وزيرا سنة ٤١٤ ولم يلبث المستظهر أن قتل فصمّم ابن حزم على اعتزال السياسة والتفرغ للعلم والأدب، وكان قد عكف على دراسة المذهب المالكى، ورأى العدول عنه إلى مذهب الشافعى ثم عدل عنه إلى دراسة المذهب الظاهرى على أبى الخيار مسعود بن مفلت المتوفى سنة ٤٢٦ واعتنقه مؤمنا به، وألف فيه كتاب الإبطال وفيه يبطل الأصول الخمسة التى أخذ بها الأحناف والشافعية، وهى القياس والرأى والاستحسان والتقليد والتعليل، فكل ذلك ينبغى إبطاله والاكتفاء بالكتاب والسنة. وله كتاب فى أصول المذهب المالكى القائمة على التقليد، وكتاب ثان يناقش فيه أصول المذهب الشافعى وفروعه. ومعروف أن المذهب الظاهرى ازدهر فى عصر دولة الموحدين إذ كانت تعتنقه مذهبا فقهيّا لها من دون المذاهب المشهورة: مذهب أبى حنيفة ومالك والشافعى وابن حنبل واتخذ ذلك شكل ثورة عنيفة فى عهد يعقوب بن يوسف (٥٨٠ - ٥٩٥) حتى لنجده يأمر بحرق كتب تلك المذاهب، وكان طبيعيّا لذلك أن تصبح كثرة القضاة من فقهاء المذهب الظاهرى يتقدمهم قاضى القضاة ابن مضاء (٢) أحمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة ٥٩٢ وابن (٣) حوط الله عبد الله المتوفى سنة ٦١٢ وكان قد ولى القضاء ببلدان أندلسية كثيرة مثل إشبيلية وقرطبة ومثلهما ابن (٤) خطاب الإشبيلى على بن عبد الله قاضى إشبيلية المتوفى سنة ٦٢٩ وابن الرومية المار ذكره بين الصيادلة. ويعود المذهب المالكى بعد زوال دولة الموحدين-بقوة-إلى سلطانه القديم وقلما نسمع عن أتباع للمذهب الظاهرى، ويتحول عنه كثيرون على نحو ما تحول أبو حيان المار ذكره بين المفسرين فقد بدأ حياته ظاهريّا ثم تحول إلى المذهب الشافعى.

ولم نعرض لفقهاء القضاء المالكيين فى الأندلس لأن لهم كتبا متعددة مطبوعة تعنى بهم مثل كتاب القضاة للخشنى ولابن عبد البر كتاب مماثل وكذلك للنباهى، وإنما يهمنا من دفعوا الحركة الفقهية المالكية فى الأندلس إلى الازدهار بدراستهم المذهب للطلاب


(١) راجع فى مصادر ابن حزم ترجمته فى الفصل الخامس.
(٢) مرت مصادر ابن مضاء فى ص ٩٧.
(٣) راجع فى ابن حوط الله النباهى ص ١١٢ والتكملة ٢/ ٨٣٨.
(٤) انظر فى ابن خطاب التكملة رقم ١٩٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>