للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرياضيين والمتفلسفة وحتى بين العامة وأهل الريف على نحو ما مرّ بنا عن أهل شلب مما حكاه ياقوت. ومن أكبر الأدلة على هذا الازدهار أن المرأة الأندلسية أسهمت فيه إسهاما واسعا بزّت فيه أخواتها فى البلاد العربية الأخرى، مما جعل كتب التراجم الأدبية الأندلسية من مثل المغرب تترجم لغير شاعرة، وقد ترجم المقرى فى النفح لأكثر من عشرين شاعرة، منهن فى القرن الثالث حسانة التميمية بنت الشاعر أبى المخشىّ عاصم بن زيد، ومنهن فى القرن الرابع حفصة بنت حمدون الحجارية وعائشة بنت أحمد القرطبية والشاعرة الغسانية البجانية، ومنهن فى القرن الخامس ولادة بنت الخليفة المستكفى ومهجة بنت التيّانى القرطبية ومريم بنت أبى يعقوب الإشبيلية وأم العلاء بنت يوسف الحجارية والعبادية جارية المعتضد بن عباد واعتماد المعروفة باسم الرّميكية زوجة ابنه المعتمد وأم أبنائه وغاية المنى جارية المعتصم بن صمادح صاحب المرية وأم الكرم ابنته وحواء زوجة القائد المرابطى سير بن أبى بكر والى إشبيلية حتى وفاته، وكانت لها ندوة أدبية تجلس فيها للشعراء تحاضرهم فيها وتستمع إلى أحاديثهم وأشعارهم وتبدى بعض انتقادات على ما تسمع. وممن ترجم لهن المقرى فى القرن السادس نزهون بنت القليعى وحمدة بنت زياد وحفصة بنت الحاج الركونية الغرناطية وورقاء بنت ينتان القرطبية والشاعرة الشلبية وأسماء العامرية، وترجم المقرى فى أواخر عصر الموحدين بالنصف الأول من القرن السابع لأم السعد بنت عصام القرطبية وأختها مهجة. وهو عدد وفير من الشاعرات الأندلسيات لم يتح لأى إقليم عربى، مما يدل بوضوح على شغف الأندلسيين الشديد بفن الشعر شغفا أذكى فى نفوسهم نساء ورجالا جذوة الشعر مما جعل الأندلس تمتلئ شاعرات وشعراء.

وما إن ينحسر لواء دولة الموحدين عن الأندلس حوالى سنة ٦٢٥ حتى يأخذ هذا الازدهار الذى رافق الشعر الأندلسى قرونا متعاقبة فى التقلص والنصول، إذ أخذ كثير من ينابيع الحياة التى كان يستمد منها فى الجفاف بسبب ضياع الشطر الأعظم من الأندلس فقد سقطت الحواضر الكبرى فى وسط الأندلس وشرقيها وغربيها فى حجور المسيحيين، ولولا أن أتيح للشطر المتبقى القائد العربى ابن الأحمر حفيد سعد بن عبادة الأنصارى الصحابى لضاعت الأندلس نهائيا من أيدى العرب، ولكنه استطاع أن يصمد للنصارى الشماليين وأن يكوّن دولة فى غرناطة والأجزاء الجنوبية من الأندلس ظل أبناؤه وأحفاده يقومون عليها حتى غلبوا على أمرهم لسنة ٨٩٧ للهجرة وخرجوا-وخرج معهم جمهور العرب-من الجزيرة. ومنذ واقعة العقاب سنة ٦٠٩ واندحار جيش

<<  <  ج: ص:  >  >>