للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموحدين فيها أحسّ الأندلسيون أن الخطر تفاقم وأن ديارهم لن تثبت طويلا أمام ضربات العدو، وهو ما أخذ يتراءى لهم سريعا، وكان ذلك سببا فى أن يغادر الأندلس كثيرون من أهلها إلى البلاد المغربية والمشرقية فاستقروا بها حاملين معهم علومهم وآدابهم التى أثروا بها تأثيرا عميقا فى البلاد المغربية، خاصة فى مراكش وبجاية وتونس.

ولابن سعيد صاحب كتاب المغرب المتوفى سنة ٦٨٥ كتاب نشر مجمل له باسم اختصار القدح المعلّى وهو يعرض فيه شعراء الأندلس فى المائة السابعة ممن جالسهم فى الأندلس وقيّد عنهم بعض أشعارهم أو جالسهم فى البلدان المغربية وخاصة تونس أو فى البلدان المشرقية فى الإسكندرية أو فى القاهرة أو فى دمشق، وقد بلغوا فى كتابه اثنين وسبعين شاعرا، وتراجمهم أكثر تفصيلا وأشعارا من ترجماته فى كتاب المغرب، وممن يذكره بينهم أبو الوليد الشّقندى صاحب الرسالة المشهورة فى فضل الأندلس وتفوقها الثقافى والأدبى، ويذكر إبراهيم بن محمد بن صناديد الجيانى ويقول إن أباه ممدوح مدغليس فى أزجاله. ويتوسع فى الحديث عن علماء اللغة والنحو: الشلوبين والدباج والأعلم البطليوسى منشدا بعض أشعارهم وكان قد أقام بتونس طويلا، ولذلك عنى بالحديث عمن نزل فيها من الأدباء والشعراء الكبار مثل ابن الأبار صاحب التكملة والحلة السيراء وتحفة القادم ومعجم الصدفى وبها توفى سنة ٦٥٨ ومثل أبى المطرف أحمد بن عميرة وأبى الحجاج يوسف البياسى وابن همشك محمد بن يحيى. وممن ذكر أنهم رحلوا إلى مصر أبو الحجاج يوسف الإشبيلى المطبّب وقد عيّنه المصريون فى مارستان القاهرة.

وكانت مصر دائما ترحب بالمهاجرين إليها من الأندلس مثل ابن دحية الذى أسند إليه السلطان الكامل رياسة مدرسة الحديث ومثل ابن البيطار الذى جعله رئيسا للعشّابين أو الصيادلة فى القاهرة، وهاجر إلى دمشق ابن عربى المتصوف وتوفى بها سنة ٦٣٨ وهاجر تلميذه ابن سبعين إلى مكة وبها توفى سنة ٦٦٩. وكتاب اختصار القدح المعلى مهم لأنه يعرض علينا جمهرة كبيرة من شعراء الأندلس فى المائة السابعة. ونلتقى بعده بكتاب «الكتيبة الكامنة فيمن لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة» للسان الدين بن الخطيب وبه ترجمات لمائة شاعر وثلاثة، بدأهم بالوعاظ والمتصوفة من مثل ابن عباد النفزى المتوفى سنة ٧٩١ وتلاهم بالمقرئين والمدرسين من الشعراء مثل أبى حيان المهاجر إلى القاهرة، وذكر فى إثرهم طبقة القضاة ثم طبقة الكتاب والشعراء من أمثال ابن خاتمة وابن زمرك. ويكمل كتاب لسان الدين فى شعراء الأندلس فى المائة الثامنة كتاب نثير فرائد الجمان فى نظم فحول الزمان لابن الأحمر إسماعيل بن يوسف المتوفى سنة ٨٠٧ وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>