عن الحد وأنها قد تقال على لسان المرأة كان السبب فى استخدام الوشاح الأندلسى أحيانا للخرجات الرومانثية فرارا من التصريح بألفاظ مفحشة نابية. ومن يرجع إلى ما ذكره الدكتور عبد العزيز الأهوانى من خرجات الموشحات فى كتابه-الزجل الأندلسى-يلاحظ أن كثيرا من الخرجات العجمية التى ذكرها تشكو فيها الفتاة لأمها تباريح حبها لمن سلبها روحها وفؤادها متذللة لعاشقها تذللا شديدا، وقد يصاغ ذلك فى خرجات عامية ولكن فى تلميح غالبا دون أن يخدش حياء الفتاة، أما ما كان يظن الوشاح أنه يخدش حياءها فكان يصوغه فى عبارة لاتينية دارجة أو رومانثية وهذا-فى رأينا-هو الباعث على وجود الخرجات الأعجمية فى بعض الموشحات لا أنها نشأت على أساس بعض الأغانى الرومانثية الأعجمية. ومما يؤكد-بل يقطع-بأن الموشحات عربية خالصة أن من يقرنها إلى المسمطات العباسية التى ظهرت منذ القرن الثانى الهجرى على لسان أبى نواس وأضرابه يلاحظ توا أن المسمطات قصائد تتألف من أدوار تقابل الأغصان فى الموشحة وكل دور-مثل الغصن-يتألف من أربعة شطور أو أكثر تتفق فى قافية واحدة ما عدا الشطر الأخير فإنه يستقل بقافية مغايرة، وهو يتحد فيها مع الشطور الأخيرة فى كل دور من أدوار المسمط، ويسمى-من أجل ذلك-عمود المسمط فهو القطب الذى يدور عليه. وهو يقابل بوضوح المركز أو القفل فى الموشحة، وكل ما بينهما من فروق أن الشطر فى نهاية أدوار المسمط واحد بينما هو فى مراكز الموشحة متعدد، وسنرى عما قليل أنه كان فى الموشحات الأولى شطرا واحدا. وقد أحس الأندلسيون من قديم بالمشاكلة الشديدة بين الموشحة والمسمط كما يتبين من الاسم الذى اختاروه لها اشتقاقا من الوشاح كما أسلفنا إذ وجدوا العباسيين يشتقون لفظ المسمط من السمط، وهو القلادة تنتظم فيها عدة سلوك تلتقى جميعا عند جوهرة كبيرة، على شاكلة التقاء كل دور فى المسمط مع الأدوار الأخرى فى قافية الشطر الأخير. لذلك-رأوا- أى الأندلسيين-بدورهم أن يشتقوا الموشحة من وشاح المرأة الذى يمتد فيه خيط مرصع باللؤلؤ وخيط مرصع بجواهر متنوعة يخالف بينهما ويعطف أحدهما على صاحبه. وهى تسمية بارعة للموشحة وما تحمل من لآلئ الأقفال وجواهر الأغصان.
ومن أكبر الأدلة على أن الموشحة بدأت محاكاة للمسمط أن القبرى وشاحها الأول كان-كما يقول ابن بسام-يجعل اللفظ العامى أو العجمى مركزا أو كما سمّى فيما بعد قفلا ويضع عليه أشطارا، والمركز بذلك كان عند الوشاح الأول شطرا واحدا بالضبط كما كان فى المسمط. ويقول ابن بسام إنه كان يبنى على هذا المركز أو الشطر أشطار الأشعار،