الغصن والأغصان بعده مستفعلن فعولن، وكأنه تجزئة من وزن الرجز، وموشحته الأخرى التى أنشدها ابن شاكر من وزن الرمل أقفالها وغصونها، ومطلعها:
من ولى فى أمة أمرا ... ولم يعدل يعزل
إلا لحاظ الرّشا الأكحل
وظلت الموشحات بعد ابن ماء السماء تنظم إما على أعاريض الشعر العربى المستعملة وإما على أعاريضه المهملة، وموشحتاه تتألف من ستة أقفال وخمسة أغصان، ويغلب فى الموشحات بعده أن تتخذ هذه الصورة وقد تطول أكثر أو تنقص فيزيد فيها عدد الأقفال والأغصان إلى ثمان أو تنقص إلى أربع، وقد يبدأ الموشح بغصن ويسمى-حينئذ- أقرع، وقد يتألف القفل من جزءين أو ثلاثة وقد يطول إلى ثمانية أجزاء وبالمثل الغصن.
ويسمى القفل الأخير باسم الخرجة وقد تكون ألفاظه أعجمية أو عامية كما مر بنا، ويكثر أن تكون عربية بلغة سهلة مألوفة تقرب قربا شديدا من اللغة الدارجة.
ويقبل على نظم الموشحة غير شاعر من شعراء أمراء الطوائف، نذكر منهم القزّاز محمد بن عبادة وسنخصه بكلمة مستقلة، ومنهم ابن أرفع رأسه شاعر المأمون بن ذى النون أمير طليطلة، ووزيره أبو عيسى بن لبّون، وابن اللبانة محمد بن عيسى، وكان هو والقزاز فرسى رهان فى العصر، وسنترجم له بين الشعراء لأنه كان يجيد الشعر كما كان يجيد الموشحات، وأغلب موشحاته مدائح فى المعتمد بن عباد أمير إشبيلية وأبنائه، وهو يستهلها دائما بغزل رقيق من مثل قوله فى موشحة مدح (١) بها المعتمد:
يفترّ عن لؤلؤ فى نسق ... من الأقاح بنسيمه العبق
هل من سبيل لرشف القبل ... هيهات من نيل ذاك الأمل
كم دونه من سيوف المقل ... سلّت بلحظ وقاح خجل
والقفل يتكون من أربعة أجزاء أولها على زنة: مستفعلن فعلن مستعلن. والثانى على زنة: متفعلات والثالث على زنة: متفاعلن. والرابع على زنة فعلن. واجتماع هذه التفاعيل تخرج القفل عن أعاريض العرب المستعملة وتجعله من أعاريضهم المهملة، أما الغصن
(١) انظر الموشحة فى دار الطراز ص ٥٤ وفى المغرب ٢/ ٤١٤.