فيطرد على زنة: مستفعلن فاعلن مستفعلن، وهو وزن عربى مستعمل بكثرة ونقصد وزن البسيط، واستخدمه ابن اللبانة فى موشحاته مرارا لعذوبته.
وتتسع موجة الوشاحين فى عصر المرابطين، ومن أهمهم فى عهدهم، بل من أهم الوشاحين الأندلسيين عامة الأعمى التطيلى المتوفى حول سنة ٥٢٥ ويحيى بن بقىّ المتوفى سنة ٥٤٠ وسنخصه بكلمة ولم يكن الأعمى التطيلى يقل عنه براعة، غير أن له ديوانا كبيرا مما جعلنا نخصه بترجمة بين الشعراء، ويكفى لبيان مهارته فى صنع الموشحات ما يروى من أن جماعة من الوشّاحين اجتمعوا لإنشاد موشحات لهم فى مجلس بإشبيلية بينهم يحيى بن بقى والأعمى التطيلى، وقدموا الأعمى للإنشاد، فلما افتتح موشحته بقوله:
ضاحك عن جمان ... سافر عن بدر
ضاق عنه الزمان ... وحواه صدرى
مزّق ابن بقى موشحته وتبعه الباقون (١) لما فجأهم به التطيلى فى موشحته من عذوبة فى اللفظ وروعة فى التصوير، والقفل السالف مكون من أربعة أجزاء، والجزآن: الأول والثالث المتقابلان على زنة: فاعلاتن فعول، والجزآن الثانى والرابع المتقابلان على زنة:
فاعلاتن فعلن، وتمضى جميع الأقفال بهذه الزنة بينما تمضى الأغصان على زنة: فاعلن فاعلن أو بعبارة أخرى على وزن المتدارك على شاكلة قوله فى الغصن الأول:
آه مما أجد ... شفّنى ما أجد
قام بى وقعد ... باطن متّئد
وكأن التطيلى تعمّد أن يكون القفل من أعاريض العرب المهملة، إذ مزج فيه بين تفاعيل من أوزان أو بحور مختلفة، بينما نظم الغصن من وزن المتدارك، وقد ينظم الوشاح موشحته جميعها أقفالا وأغصانا من وزن عربى مستعمل واحد كالرجز أو البسيط أو السريع أو المجتث، وكل ذلك نجد له أمثلة فى موشحات التطيلى الملحقة بديوانه كقوله فى موشحة نظمها من الوزن الأخير:
حثّ الكئوس رويّه ... على رواء البساتين من قهوة بابليّه