للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسطو بسيف المنون ... ما جفنه غير جفنه

يا قسوة الحبّ لينى ... ولو برمّان غصنه

وأجزاء الأقفال والأغصان تطرد هكذا على وزن المجتث: مستفعلن فاعلاتن.

وعاصر التطيلى من الوشاحين النابهين أبو بكر بن باجة الفيلسوف المار ذكره فى الفصل الماضى وهو أحد من طوروا الموسيقى الأندلسية، وكانت له تلاحين مشهورة، ويحكى أنه صنع موشحا فى مديح ابن تيفلويت المرابطى الوالى على شرقى الأندلس وسرقسطة ليوسف بن تاشفين، ولحنه وألقاه على قينة، فلما غنت ابن تيفلويت به صاح:

واطرباه، وحلف بأيمان مغلظة أن لا يمشى ابن باجة فى طريقه إلى داره إلا على الذهب، وتلطف ابن باجة فاحتال بأن جعل ذهبا فى نعله ومشى عليه. ومن الشعراء الوشاحين البارعين فى عصر المرابطين الأبيض أبو بكر محمد بن أحمد الأنصارى وأبو بكر بن رحيم ويحيى بن الصيرفى المؤرخ وأبو الحسن بن نزار وله موشح بناه من مخلع البسيط مستخرجا دائما الجزء الثانى من أغصانه وأقفاله من آخر كلمة فى الجزء الأول على هذا النمط (١):

يا ربّة المنظر الجميل ميلى ... رأيت فى وجهك السعيد عيدى

وتظل الموشحات مزدهرة فى عصر الموحدين (٥٤٠ - ٦٣٤ هـ‍) بل تبلغ غاية ازدهارها على لسان ابن هرودس كاتب عثمان بن عبد المؤمن والى غرناطة كما يتضح فى موشح له بديع (٢) مستخرجا الجزء الثانى من أقفاله-على شاكلة ابن نزار-بعد نهاية الجزء الأول كقوله فى مطلعه:

يا ليلة الوصل والسّعود ... بالله عودى

والجزء الأول من القفل-مثل سابقه عند ابن نزار-على زنة مخلع البسيط، وزنة الجزء الثانى مستفعلان، والأغصان جميعها من مخلع البسيط: مستفعلن فاعلن فعولن، ومن كبار الوشاحين على بن المرينى وفى المغرب له موشحة (٣) بارعة. وسابق الحلبة- كما يقول ابن سعيد-أبو بكر بن زهر، وسنخصه بكلمة، ومن المشهور أنه لما سمع قول عبد الرحيم بن الفرس فى إحدى موشحاته:


(١) المغرب ٢/ ١٤٧.
(٢) المغرب ٢/ ٢١٥.
(٣) المغرب ٢/ ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>