للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطبيعى أن يتجمع حولها الشعراء وأن يقدموا لحكامها مدائحهم، وطبيعى أن يكون أول من أشادوا به مؤسس الدولة ابن الأحمر محمد بن يوسف وفيه يقول ابن سعيد: «كان من عجائب الدهر فى الفروسية والإقدام والسعادة فى لقاء العدو، ويفهم الشعر ويكثر مطالعة التاريخ، أنشدته قصيدة أولها:

لمثلك تنقاد الجيوش الجحافل ... وتذخر أبناء القنا والقنابل» (١)

وما زال ينازل ملك قشتالة حتى اضطر إلى عقد معاهدة بينهما، ويتعاقب أبناؤه وأبناء أسرته على الحكم بعده منذ توفى سنة ٦٧١ وحكمهم صفحات مشرقة من جهاد النصارى الشماليين، وأرغم حفيده محمد على تسليم جبل طارق لملك أراجون سنة ٧٠٧ واستولى على صولجان الحكم سنة ٧١٣ أبو الوليد إسماعيل، ونازله الجيش القشتالى سنة ٧١٨ فى مرج غرناطة، فهزم هزيمة ساحقة وقتل قائده، ويهنئه أبو عبد الله اللوشى بمثل قوله (٢):

قصدوا العرين ليغلبوا آساده ... فقضى عليهم بأسك الغلاّب

وقويت شوكة المسلمين فى عهد أبى الوليد وعهد ابنه أبى عبد الله محمد، وقد جمع رأيه على استعادة جبل طارق، وأعاده بعد موقعة بحرية عنيفة سحق فيها أسطول ملك أراجون ويهنئه بهذا الفتح المبين أبو العلاء محمد بن سماك العاملى منشدا (٣):

فتح قضاه لملكك الرحمن ... لم تأت قط بمثله الأزمان

فلأىّ يوم سعادة أولاكه ... ذلّت بعزّة نصره الصّلبان

وخلفه أخوه أبو الحجاج يوسف الأول (٧٣٣ - ٧٥٥) وكان راعيا للآداب والفنون، وأضاف إلى قصر الحمراء المشهور بغرناطة منشآت كثيرة، ومدحه كثيرون فى مقدمتهم لسان الدين بن الخطيب، وله فيه نحو خمسين قصيدة بين مدح وتهنئات بالأعياد والمولد النبوى الشريف وإشادة بأعماله ومنها بناؤه للمدرسة التى تحدثنا عنها فى غير هذا الموضع، وفى ديوانه أنه أمره بنظم أبيات تزيّن بها قبّة العرض المطلة على مجلسه فى الحمراء، فنظم تسعة أبيات منها قوله على لسان القبة (٤):


(١) المغرب ٢/ ١٠٩.
(٢) انظر ترجمة أبى عبد الله اللوشى فى الكتيبة الكامنة فيمن لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة للسان الدين بن الخطيب تحقيق د. إحسان عباس (طبع بيروت) ص ١٧٥ وراجع فى ترجمة اللوشى الإحاطة ٢/ ١٩٧ وكانت وفاته سنة ٧٥٢.
(٣) راجع ترجمة ابن سماك العاملى فى الكتيبة الكامنة ص ١٩٨.
(٤) انظر ديوان ابن الخطيب المسمى: «الصيب والجهام والماضى والكهام» تحقيق الدكتور قاهر (طبع الجزائر) ص ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>