للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشباب) عندما به اغتبط». ويدل ذلك على أن مولده لا يتجاوز سنة ٤٩٠ وإن تجاوزها فإلى سنوات معدودات. وفى ديوانه مرثية حارة لزوجة له تسمى آمنة، ويبدو أنه اقترن بعدها بأخرى تسمى زهرا، ويذكر فى بعض شعره أنها كانت تعنّفه لقعوده عن التماس الرزق، ولعل ذلك ما جعله يكثر من مديحه لذوى الجاه والثراء فى إشبيلية من مثل بنى الحضرمى وخاصة محمد بن عيسى ومثل الطبيب أبى العلاء زهر، وكان قد أثرى ثراء طائلا من مهنته وحلّ من السلطان محلا لم يحظ به أحد من أهل الأندلس فى وقته وله ينشد:

خشنت فلم تترك وأنت منازع ... ولنت ولم تأخذ وأنت قدير

من المجد دان دونه متعرّض ... إلى الهول سباق عليه جسور

كفيل بأرواح الأنام موكّل ... عليم بأسرار الحمام خبير

وهو يشير فى البيت الأخير إلى مهارة أبى العلاء فى الطب وعلاج الأنام أو الناس ومعرفة أسرار الحمام أو الموت. ونظم فى أمير المرابطين على بن يوسف بن تاشفين ثلاث قصائد، ويتوسل فى إحدى قصائده إلى مالك بن وهيب المتفلسف مواطنه، الذى اتخذه الأمير المرابطى جليسا له ومستشارا، أن يحمل إليه ما ينظمه، وينزل عند رغبته مرارا، وفى إحداها يثنى عليه بمثل قوله:

جنابك للعلا حصن حصين ... وذكرك للمنى دنيا ودين

طليعة جيشك الظّفر المواتى ... وظلّ لوائك الفتح المبين

جواد بالديار وما حوته ... ولو أنّ الزمان بها ضنين

قد اهتزّت بأنعمك الليالى ... كما تهتزّ بالثّمر الغصون

وله فى على بن يوسف بجانب قصائده أرجوزة طويلة، وله أيضا فيه موشحة بديعة، وإحدى فقراتها تمضى على هذه الشاكلة:

سما علىّ ... لإمرة المسلمينا

صبح جلىّ ... راق، النّهى والعيونا (١)

سمح أبىّ يرضيك شدّا ولينا

كالهندوانى وكالغمام الهتّان ... وفق الأمانى وملء عين الزّمان


(١) النهى: العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>