للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن أكثر من مديحهم ابن حمدين أبو القاسم أحمد بن محمد التغلبى قاضى الجماعة بقرطبة منذ سنة ٥١٣ حتى وفاته سنة ٥٢١ وكان يرسل بمدائحه إليه، وفى أخباره أنه زار قرطبة، وربما زارها من أجل لقائه، وله يقول:

أسد يملأ العرين من البأ ... س وطود يحمى من الإملاق (١)

زهيت خطة القضاء به زه‍ ... وحمام الغصون بالأطواق

أريحىّ تراه يهتزّ للبذ ... ل اهتزاز القضيب للإيراق (٢)

وكان صديقا للشاعر الوشاح يحيى بن بقى ورآه يطرق أبواب بنى عشرة قضاة سلا رعاة الشعر لزمانه كما مرّ بنا فى ترجمته وقد خص من بينهم أبا العباس أحمد القاضى بعد أبيه على وأخاه يحيى، فتبع ابن بقى يقدم إليهما مثله شعره وموشحاته، من ذلك قصيدة كافية مدح بها أبا العباس يقول فيها:

لقاضى قضاة الغرب وابن قضاته ... تودّدت الآمال وهى سوامك (٣)

إذا سمعت أذناه حىّ على العلا ... فلا الجود متروك ولا البأس تارك

رفعتم لأهل الغرب أعلام دينهم ... فأبصر مأفوك وأقصر آفك (٤)

وقد أضيفت إلى الشاعر فى الديوان قصيدة نونية ص ٢١٨ قال الفتح بن خاقان إنه مدح بها القاضى أبا الحسن على بن القاسم بن عشرة، وعنه نقلها محقق الديوان مع إشارته إلى أن العماد الأصبهانى فى الخريدة ذكر أنها فى مديح أمير المسلمين على بن يوسف بن تاشفين، وفى رأينا أن الصواب ما ذكره العماد، لأن القاضى المذكور توفى سنة ٥٠٢ وكان التطيلى لا يعدو حينئذ الخامسة عشرة من عمره، وذكرنا أن له فى الأمير على بن يوسف ثلاث قصائد فأولى أن تضاف إليها، فيكون له فيه أربع قصائد سوى الأرجوزة. وألحقت بديوانه فى بنى عشرة ست موشحات، وقد ذكرنا فى ترجمة يحيى بن بقى أن القدماء نصوا على ثلاثة منها بأنها لابن بقى، فنسبتها إلى التطيلى مخطئة، ونظن ظنا أن الموشحتين رقم ١٠ و ١٥ الخاصتين بمديح يحيى بن على بن القاسم حرى بهما أن تنسبا أيضا إلى ابن بقى مثل أختهما رقم ١١ فى ملحق الديوان إذ هو الذى تفيأ ظلاله كما نصّ القدماء وتغنى به فى غير موشحة. وفقط ذات الرقم ١٣ فى مديح من يسمى


(١) العرين: الغيل أو بيت الأسد. البأس: القوة. طود: جبل. الإملاق: الفقر.
(٢) القضيب: الغصن: الإيراق: خروج الورقة منه.
(٣) سوامك: جمع سامك: عال.
(٤) مأفوك: ضعيف العقل. آفك: كذاب مفتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>