للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف بن القاسم، فهى التى يمكن أن تضاف إلى التطيلى، وخاصة أن نسبتها إليه شاعت بين الوشاحين حتى ليعارضه فيها ابن الصباغ (١) المتصوف فى القرن السابع الهجرى وفيها يقول:

إن جئت أرض سلا ... وافاك بالمكارم فتيان

هم سطور العلا ... ويوسف بن القاسم عنوان

وله قصيدة بديعة مدح بها السيدة حواء زوجة سير بن أبى بكر الذى مهّد الأندلس ببطولته وقيادته الحازمة ليوسف بن تاشفين، وهو ابن أخيه، وولاه يوسف إشبيلية وظل عليها-دهرا: سبعة وعشرين عاما فيما يقال وكانت سيدة فاضلة نبيلة تقرأ القرآن وتنظم الشعر، وكانت لها ندوة فى قصر الإمارة بإشبيلية تحاضر فيها الكتّاب والشعراء وتستمع إلى حوارهم فى الشعر وتشارك فى نقد بعض الأبيات، وممن كان يتردد على ندوتها مالك بن وهيب المتفلسف المار ذكره والكاتبان أبو بكر بن القصيرة وابن المرخى محمد بن عبد العزيز، وكانت ممّدحة، ومن ثناء التطيلى عليها فى قصيدته:

مليكة لا يوازى قدرها ملك ... كالشمس تصغر عن مقدارها الشّهب

دنيا ولا ترف، دين ولا قشف ... ملك ولا سرف درك ولا طلب

برّ ولا سقم عيش ولا هرم ... جدّ ولا نصب ورد ولا قرب (٢)

ويفيض التطيلى فى وصف جودها وما تغدق من الذهب والفضة على الأدباء والشعراء، ويشيد بإخوتها يحيى والى قرطبة ومحمد محرّر بلنسية، ولا يشير إلى زوجها حاكم إشبيلية والأندلس بكلمة، وأغلب الظن أنه كان قد توفى منذ فترة. ولعل صوت الأعمى التطيلى اتضح لنا الآن، وبحق يقول عنه ابن بسام: «له أدب بارع، ونظر فى غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء فى ذلك بالنادر المعجز، فى الطويل منه والموجز».


(١) انظر أزهار الرياض للمقرى ٢/ ٢٣٣ - ٢٣٥.
(٢) القرب: سرى الليل لورد الغد يعنى أن ورد العطاء لهذه السيدة فى متناول الأيدى ولا يكلف عناء ولا مشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>