للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«البقية والمدرك» ما يقرب من عشرين قصيدة ومخمسة طويلة ونحو ثلاثين مقطوعة فى مديح الغنى بالله سوى مقطوعات متعددة فى مديح ابن الخطيب ولىّ نعمته وسوى قصيدة فى مديح أبى سالم المرينى وقطع من قصائد للسلطان يوسف الثانى وابنه السلطان محمد وسوى ثلاث مراث فى الغنى بالله ومرثية فى أستاذه الشريف الغرناطى. ومن أهم مدائحه للغنى بالله يائية امتدت إلى نحو مائة وخمسين بيتا استهلها بغزل بديع شغل ثمانية وعشرين بيتا، وخرج منه إلى مديح الغنى بالله قائلا إنه الشمس يعم نفعها وضوؤها القريب والبعيد والغيث الذى يهطل على العفاة دائما والباسل الذى يروى غصون الرماح العطشى دماء الأعداء القانية. ثم يأخذ فى وصف مبانيه فى قصور الحمراء مأخوذا بروعة النقوش وترصيعاتها وزخارفها، يقول:

ولله مبناك الجميل فإنّه ... يفوق على حكم السعود المبانيا

بنيت له كفّ الثريا معيذة ... ويصبح معتلّ النواسم راقيا

وتهوى النجوم الزّهر لو ثبتت به ... ولم تك فى أفق السماء جواريا

وقد جعل ابن زمرك نجمة الثريا عوذة له وتميمة من عيون الحساد لشدة سموقه وارتفاعه، وجعل النسيم العليل فيه كأنه الرّقية التى يستروحها الناس، لما يندفع فيه من مياه تجرى فى قنوات مثبتة فى الحوائط بجميع الغرف لتلطيف الجو. ويمضى ابن زمرك فيصور البهو الذى شاده الغنى بالله وما يتوسطه من حوض كبير من المرمر به نافورة مرمريّة يحملها اثنا عشر أسدا تمج المياه من أفواهها إلى بركة تحيط بها، ويستمر ابن زمرك فى وصفه المبنى الباهر وهذا البهو الرائع والنافورة قائلا:

به البهو قد حاز البهاء وقد غدا ... به القصر آفاق السماء مباهيا

به المرمر المجلوّ قد شفّ نوره ... فيجلو من الظّلماء ما كان داجيا

وراقصة فى البهو طوع عنانها ... تراجع ألحان القيان الغوانيا

إذا ما علت فى الجوّ ثم تحدّرت ... تحلّى بمرفضّ الجمان النّواصيا (١)

يذوب لجين سال بين جواهر ... غدا مثلها فى الحسن أبيض صافيا (٢)

تشابه جار للعيون بجامد ... فلم أدر أيّا منهما كان جاريا

وتصويره للنافورة فى الأبيات الأربعة الأخيرة تصوير بديع، وخاصة البيت الأخير،


(١) مرفض الجمان: متناثر اللؤلؤ.
(٢) اللجين: الفضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>