للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منظومة نحوية تضمنها ديوانه وسنعرض لها فى حديثنا عنه عما قليل، ولأبى حيان المتوفى سنة ٧٤٥ أرجوزة فى النحو سماها «غاية (١) الإغراب فى علمى التصريف والإعراب» أى النحو، ولم تحظ-كأرجوزته فى القراءات-بشئ من الشهرة، وبالمثل الأراجيز النحوية التى نظمت بعد عصره، إذ سلبتها الشهرة جميعا ألفية ابن مالك. ويذكر ابن حجر فى كتابه الدرر أن ابن جابر الوادى آشى نظم كتاب فصيح ثعلب فى اللغة.

وكان قد شاع نمط لغوى من وزن الرجز يتضمن كثيرا من الألفاظ المقصورة الشائعة والمهجورة بغرض أخذ المتأدبين بمعرفتها وحفظها، وبدأ ذلك ابن دريد فى القرن الرابع بمقصورته التى تقع فى نحو مائتين وخمسين بيتا من الشعر والتى مدح بها عبد الله بن محمد ابن ميكال والى الأهواز وابنه، وأخذ بعض الشعراء فى المشرق يحاكونه بصنع مقصورات مماثلة لمقصورته غير أنه ظل لمقصورته القدح المعلى فى عناية الشعراء بها وفى تخميس بعضهم لها، ونجد شعراء الأندلس-وخاصة منذ القرن السادس-يحاولون محاكاته فى هذا اللون من الشعر التعليمى اللغوى، ونذكر منهم على بن حريق المخزومى، إذ ذكر المراكشى أن له مقصورة (٢) عارض بها ابن دريد، وأضاف أن له أرجوزة لغوية بديعة عارض بها أرجوزة لغوية لابن سيده المتوفى سنة ٤٥٨ وذكر المراكشى أن لمعاصره عامر بن هشام المتوفى سنة ٦٢٣ مقصورة (٣) جعلها فى ثلاثة أقسام: الأول فى الزهد والتضرع إلى الله واستغفاره، والثانى فى الحديث النبوى: بنى الإسلام على خمس، والثالث فى الشكوى من الزمان والإخوان ورثاء أبى محمد عبد الله بن أبى حفص بن عبد المؤمن، وعدتها نحو مائة وخمسة وستين بيتا أنشأها لابن أخيه وشرحها له شرحا مفيدا. ولحازم القرطاجنى مقصورة نالت حظا من الشهرة وسنلم بها فى حديثنا عنه وموضوعها مديح المستنصر صاحب تونس. وبدأ بالمقصورة ابن جابر الوادى آشى موضوعا جديدا هو مديح الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أنشدها المقرى فى النفح (٤) مسميا لها باسم المقصورة الفريدة، وهى فى أكثر من ثلاثمائة بيت من وزن الرجز، وجعل لقافية كل حرف من حروف الهجاء فيها عشرة أبيات وتلى الحرف دائما الألف المقصورة واستهلها بالنسيب على العادة التى شاعت فى قصائد المدح النبوى، مع تضمينها بعض


(١) ذكرها أبو حيان فى كتابه منهج السالك فى الكلام على ألفية ابن مالك ص ٤٥.
(٢) الذيل والتكملة: القسم الأول من السفر الخامس ص ٢٧٦.
(٣) نفس المصدر ص ١٠٧.
(٤) راجع نفح الطيب ٧/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>