للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضب من البان ماست فوق كثبان ... أعرضن عنى وقد أزمعن هجرانى

ملكننى ملك من ذلّت عزائمه ... للحب ذلّ أسير موثق عان

وهو يشكو من هجر هؤلاء الجوارى، ويعترف بأنهن يملكنه، بل يأسرنه بأغلال الحب، ويستعطفهنّ متذللا. وكانت طروب زوجة ابنه الأمير عبد الرحمن الأوسط قد شغفت زوجها حبا، غير أنه كان يعرف واجبه من قيادة الجيش فى الدفاع عن الأندلس ضد أعدائه الشماليين، مما جعله يمزج غزله فيها ببيان شجاعته مثل قوله (١):

إذا ما بدت لى شمس النها ... ر طالعة ذكّرتنى طروبا

عدانى عنك مزار العدا ... وقودى إليهم لهاما مهيبا (٢)

سموت إلى الشّرك فى جحفل ... ملأت الحزون به والسّهوبا

وقد استهل القصيدة بستة أبيات فيي الغزل بطروب ثم خلص إلى بيان بأسه وقوة جيشه واقتحامه معه للحزون والسهوب أو للمرتفعات والفلوات وكيف ظل طويلا يدّرع غبار القتال حتى استحالت نضرة وجهه شحوبا ابتغاء ما عند الله من ثواب المجاهدين عن حمى الإسلام، ويفتخر بنسبه الأموى وأنه لا يزال يضرم ويطفئ حروبا فى سبيل نصرة الدين الحنيف واستئصال أعدائه من أهل الصليب. وحسبنا ذلك من أمراء البيت الأموى فى القرنين الثانى والثالث للهجرة على لسان الحكم وابنه عبد الرحمن. ولمؤمن بن سعيد شاعر عبد الرحمن (٣):

حرمتك ما عدا نظرا مضرّا ... بقلب بين أضلاعى مقيم

فعينى منك فى جنّات عدن ... مخلّدة وقلبى فى الجحيم

والبيتان تلاعبا بالمقابلة بين جنات عدن والجحيم أكثر منهما غزلا يعبر عن عاطفة حارة، وللقلفاط الهجّاء غزل يروى فى ترجمته بالكتب الأدبية من مثل قوله (٤):

يا غزالا عنّ لى فاب‍ ... تزّ قلبى ثم ولّى

أنت منى بفؤادى ... يا منى نفسى أولى

وهما بيتان رقيقان ولغتهما عذبة. ولابن عبد ربه شاعر الأمير عبد الله وحفيده


(١) راجع فى قصيدة هذه الأبيات الحلة السيراء ١/ ١١٤. والمغرب ١/ ٤٧ والبيان المغرب ٢/ ٨٥.
(٢) لهاما: جيشا كثيفا.
(٣) المغرب ١/ ١٣٣.
(٤) طبقات النحويين واللغويين للزبيدى ص ٣٠٢ ومرت فى الحديث عن الهجاء مصادر ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>