للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسوا ميّتين فيستريحوا ... وكلهم بحرّ النار صال

وحلّ المتقون بدار صدق ... وعيش ناعم تحت الظلال

وهذه المعانى تستمد من القرآن الكريم بصورة واضحة، وأسلوبها ضعيف واهن، ولذلك كنا نظن ظنّا أنها وما يماثلها مما نحل على أمية. والموضوع الثانى الذى يدور فيه شعره ليس أقل من الموضوع الأول اتهاما، بل لعل الاتهام فيه أوضح، إذ نراه يقص علينا سير الأنبياء قصصا لا يكاد يفترق فى شئ عما جاء فى القرآن الكريم كقوله فى رؤية إبراهيم أنه يذبح ابنه إسماعيل وما كان من افتدائه بذبح عظيم (١):

ولإبراهيم الموفّى بالنّذ ... ر احتسابا وحامل الأجزال (٢)

بكره لم يكن ليصبر عنه ... أو يراه فى معشر أقتال

يا بنىّ أنّنى نذرتك لله ... شحيطا فاصبر فدى لك حالى (٣)

فأجاب الغلام: أن قال فوه ... كلّ شئ لله غير انتحال

فاقض ما قد نذرت لله واكفف ... عن دمى أن يمسّه سربالى (٤)

بينما يخلع السّرابيل عنه ... فكّه ربّه بكبش جلال (٥)

قال: خذه وأرسل ابنك إنّى ... للذى إن فعلتما غير قال

وواضح أن هذا شعر ركيك ساقط الأسلوب نظمه بعض القصاص والوعاظ فى عصور متأخرة عن الجاهلية. وقد ذهب هيار يزعم حين اطلع على هذا القسم من شعر أمية أنه اكتشف فيه مصدرا من مصادر القرآن الكريم (٦)، ولو كان له علم بالعربية وأساليب الجاهليين لعرف أنه وقع على أشعار منتحلة بينة الانتحال، ولما تورط فى هذا الخطأ البيّن، وقد رد عليه غير واحد من المستشرقين (٧). ويظهر


(١) ديوان أمية ص ٣٣.
(٢) الأجزال: العظائم.
(٣) شحيطا: ذبيحا.
(٤) سربالى: ثوبى.
(٥) جلال: عظيم.
(٦) انظر الجزء العاشر من المجلة الآسيوية قسم ٤ (١٩٠٤) ص ١٢٥.
(٧) انظر تاريخ الآداب العربية لبروكلمان ١/ ١١٣ ودائرة المعارف الإسلامية فى «أمية».

<<  <  ج: ص:  >  >>