للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحت فخلت الزهر كافورا بها ... وحسبت فيها التّرب مسكا أذفرا (١)

وكأن سوسنها يصافح وردها ... ثغر يقبّل منه خدّا أحمرا

وهو يقول إن الأرض لبست خضرة الربيع، وكأنما الطل ينثر فى رباها كل ما فى حجره من جوهر، وسطعت رائحة كافور زهرها الأبيض حتى خلت التراب فيها مسكا أذفر أو عاطرا، وكأن سوسنها الأبيض الجميل حين يصافح وردها ثغر يقبل خدا ياقوتيا.

ويقول أبو الوليد (٢) بن الجنان:

هات المدام وقد ناح الحمام على ... هذا الظلام وجيش الصّبح فى الطلب

والسّحب قد بدّدت فى الأرض لؤلؤها ... تضمّه الشمس فى ثوب من الذهب

وقد جعل ابن الجنان الحمام ينوح على الظلام وجيش الصبح فى إثره، وهو ينسحب بسرعة أمامه، بينما السحب تمطر لآلئها وقطراتها الفضية، ولم تلبث شمس الصباح أن التقطت كل هذه اللآلى؛ ولّمتها أو جمعتها فى ثوبها الذهبى. ولابن خاتمة فى بلبل وردية اللون تغنى فى روض مكتظ بالورود والأزهار (٣):

وورديّة الجلباب أعجبها الورد ... فغنّت وما بالغانيات لها عهد

أتت وبطاح الأرض تجلى عرائسا ... وفى كل غصن من أزاهره عقد

وقد أبدت الدنيا محاسن وجهها ... فمن زهرة ثغر ومن وردة خدّ

فغنّت غناء الشّرب أنشتهم الطّلا ... وحنّت حنين الصبّ باح به الوجد (٤)

وهو يصور البلبل الوردية قد أعجبها ورد الروض وخلبها، فتغنّت له غناء ساحرا لم تعهده الغانيات الجميلات، ويقول إنها أتت الروض فى وقت الربيع، وقد ازدانت بطاح الأرض حتى لكأنها عرائس وازدانت غصون الأشجار بعقود الأزهار وأبدت الدنيا محاسن وجهها فمن زهرة-مثل زهرة الأقحوان-ثغر، ومن وردة-وما أكثر الورود- خد. وأسكر البلبل المنظر الرائع فانتشت وغنت وحنت حنين الصب المغرم الولهان.

ولابن زمرك فى وصف زهر القرنفل بجبل الفتح أو جبل طارق (٥):


(١) أذفرا: عطرا.
(٢) راجع فى ابن الجنان وترجمته وشعره المغرب ٢/ ٣٨٣ واختصار القدح ص ٢٠٦.
(٣) الديوان ص ٩٨.
(٤) الطلا: الخمر.
(٥) أزهار الرياض ٢/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>