للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصنهاجى (٤٥٤ - ٥٠١ هـ‍.) إذ كان مقصدا للشعراء لما يجيزهم به من الجوائز السنية، وامتدحه مرارا، وظل فى حاشيته فترة. ورأى أن يوجه به إلى مصر برسالة، وكانت العلاقة بين تميم وحكام مصر سيئة، فحين وصل أمية برسالته إليهم زجّوا به فى سجن خزانة البنود بالقاهرة، وكان فيها خزائن متنوعة فى أصناف الكتب وفنونها المختلفة، فأكبّ عليها يقرؤها ويلتهم ما فيها من المعارف، ويقال إنه ظل بها ثلاث سنوات قبل صدور العفو عنه، وقيل بل عشرين سنة، وهى مبالغة واضحة. وفى كتاب طبقات الأطباء رسالة طريفة من على بن منجب الصيرفى صاحب ديوان الإنشاء وجه بها إليه فى السجن منوها فيها بأنها رد على رسالة لأمية وهو فى سجنه، ويثنى على قصيدتين أرسل بهما إليه فى مديح الأفضل بن بدر الجمالى وزير مصر حينئذ (٤٨٧ - ٥١٥ هـ‍) وقد أنشد العماد فى الخريدة قطعة من مدحة لأمية يمدح بها شفيعه ويسميه عليا وهو ابن الصيرفى كما ذكرنا. وعاد إلى المهدية سنة ٥٠٥ فى عهد يحيى بن تميم (٥٠١ - ٥٠٩ هـ‍.) وإليه قدم الرسالة المصرية وكتاب الحديقة الآتى ذكرهما وعظم شأنه عنده وكذلك عند ابنه على أمير المهدية بعده (٥٠٩ - ٥١٥ هـ‍.) وحين أنشأ على مدرسته المشهورة للكيمياء أسند إليه الإشراف عليها وظل يتولاها إلى آخر أيامه. وقد نشرت له بالقاهرة الرسالة المصرية وفيها يذكر ما رآه بمصر من هيئتها وآثارها ومن اجتمع بهم فيها من الأطباء والمنجمين والشعراء وأهل الأدب، وعنى فيها بذكر مدّاح الأفضل الجمالى وألم ببعض من هجوه. ويقول ابن سعيد فى المغرب: «عنه أخذ أهل إفريقية (تونس) الألحان التى هى الآن بأيديهم». ويبدو من هذه العبارة أنه لحّن هناك لهم أغانيهم الإفريقية على أسس الألحان الأندلسية. وألف لهم كتابا فى الموسيقى أهداه إلى الأمير على بن يحيى. وإشادة ابن سعيد بصنيعه فى هذا الجانب لها أهمية كبيرة، إذ ختم رحلاته بتونس وظل بها إلى أن توفى سنة ٦٨٣ للهجرة، ويقول إن أمية جلّ قدره عند الحسن بن على خليفة أبيه كما جلّ عند أبيه وجده، وظل ينزل هناك منزلة جليلة إلى أن توفى سنة ٥٢٩. وله مصنفات مختلفة فى التنجيم والطب والهندسة تدل على واسع علمه، من ذلك كتاب الوجيز فى علم الهيئة وكتاب الأدوية المفردة وله كتاب فى المنطق سماه: «تقويم الذهن» وبجانب ذلك له الرسالة المصرية السالفة وهى أهم نص عن شعراء مصر فى فواتح القرن السادس الهجرى، وله أيضا كتاب الحديقة فى شعراء عصره على نهج كتاب اليتيمة للثعالبى وكتاب الملح العصرية فى شعراء الأندلس والطارئين عليها. وهو يعد فى النابهين من شعراء زمنه، وكان له ديوان كبير سقط من يد الزمن، غير أن العماد فى الخريدة انتقى منه طائفة كبيرة بترتيب الحروف الهجائية امتدت

<<  <  ج: ص:  >  >>