صاحب الطريقة الشاذلية وتلميذه أبى العباس المرسى وحمل عنهما طريقتهما، وبذلك يعترف فى بعض أزجاله قائلا:«شيوخى هم الشاذليّه» وحج مرارا وكان كلما حجّ طوّف فى العراق والشام ثم عاد إلى مصر. ويذكر مترجموه أنه لقى ابن إسرائيل تلميذ ابن عربى فى الشام سنة ٦٥٠ كما لقى أصحاب عمر السهروردى البغدادى المتصوف السنى المشهور مؤلف كتاب عوارف المعارف. وفى أوبة له من الشام إلى ساحل دمياط سنة ٦٦٨ توفّى بقربها ودفن بمقبرتها، وقبره بها. وعليه شاهد يحمل اسمه. وكان لقاؤه لابن سبعين وإعجابه به وذكره لاسمه فى موشحاته وأزجاله مثنيا منوها سببا فى أن يظن بعض معاصريه ومن جاء بعدهم أنه كان-مثله-يؤمن بوحدة الوجود المطلقة، وهو منها براء، إذ بدأ حياته على طريقة أبى مدين المغربى الصوفية السنية، وانتقل منها فى مصر إلى طريقة أبى الحسن الشاذلى الصوفية السنية، فهو صوفى سنى، وفيه يقول الغبرينى:
«الشيخ الفقيه الصوفى الصالح العابد، من الفقراء (يريد الصوفية) المنقطعين، له معرفة بالحكمة ومعرفة بطريقة الصالحين الصوفية» ونوّه به ابن عباد الرندى الشاذلى فى رسائله الكبرى، كما نوه به من صوفية الشاذلية أحمد زروق شارح قصيدته:
أرى طالبا منا الزيادة لا الحسنى ... بفكر رمى سهما فعدّى به عدنا (١)
إذ نقل عنه التنبكتى فى كتابه نيل الابتهاج نعته له بقوله:«الشيخ العارف أحد الصوفية من أبناء الملوك ثم صار من سادات الصوفية، كان يقرأ عليه القرآن والسنن، عارفا بالحديث، وأما علم الأسرار والأنوار والحكم والأذواق فحاز فيه قصب السبق».
ويقول المقرى فيه: عروس الفقهاء وإمام المتجردين وبركة لابسى الخرقة الصوفية. . كان مجوّدا للقرآن قائما عليه عارفا بمعانيه، من أهل العلم والعمل، جال فى الآفاق ولقى المشايخ، وحج حجات، وآثر التجرد والعبادات، وصنّف كتبا مختلفة، منها:«العروة الوثقى» و «المقاليد الوجودية فى الأسرار الصوفية» و «الرسالة القدسية فى توحيد العامة والخاصة» و «المراتب الإيمانية والإسلامية والإحسانية». ومن شعره قوله:
لقد تهت عجبا بالتجرّد والفقر ... فلم أندرج تحت الزمان ولا الدّهر
وجاءت لقلبى نفحة قدسيّة ... فغبت بها عن عالم الخلق والأمر
وصلت لمن لم أنفصل عنه لحظة ... ونزّهت من أعنى عن الوصل والهجر
(١) الحسنى وعدن: الجنة. الزيادة: مقام المحبة الصوفية.