للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل-بعد-يقضى فى النّصارى بنصرة ... تغادرهم للمرهفات حصيدا (١)

ويغزو أبو يعقوب فى «شنت ياقب» ... يعيد عميد الكافرين عميدا (٢)

ويلقى على إفرنجهم عبء كلكل ... فيتركهم فوق الصعيد هجودا (٣)

يغادرهم جرحى وقتلى مبرّحا ... ركوعا على وجه الفلا وسجودا

والوقّشى يتمنى أن يمدّ له فى عمره حتى يبصر جموع المشركين مهزومين مدحورين مطرودين إلى أقصى الشمال وقد حصدتهم سيوف المسلمين حصدا بقيادة أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، وهو يتعقبهم منزلا بهم الهلاك والدمار حتى «شنت ياقوب» فى جلّيقية بأقصى الغرب من مملكة قشتالة، وقد أصبح عميدهم أو ملكهم قتيلا إثر مواقع تمزّقهم تمزيقا، حتى لتملأ الأرض بهم جرحى وقتلى كبّوا على جباههم، وكأنهم راكعون على وجه الفلوات ساجدون وهم مجرّحون مصرّعون. ويمضى قائلا:

ويفتكّ من أيدى الطّغاة نواعما ... تبدّلن من نظم الحجول قيودا (٤)

وأقبلن فى خشن المسوح وطالما ... سحبن من الوشى الرّقيق برودا

وغبّر منهنّ التراب ترائبا ... وخدّد منهنّ الهجير خدودا (٥)

فحقّ لدمعى أن يفيض لأزرق ... تملّكها دعج المدامع سودا (٦)

ويا لهف نفسى من معاصم طفلة ... تجاور بالقدّ الأليم نهودا (٧)

والوقّشى يستثير حمية يوسف بن عبد المؤمن بما حدث من هوان النساء المسلمين وفتياتهم الحسناوات إذ تبدّلن من زينتهنّ وحلىّ خلاخيلهن أغلال القيود، بل يا للذل فقد ألبسوهن مسوح النصارى الصوفية الخشنة بعد أن عشن يلبسن الثياب الحريرية الموشّاة الرقيقة، بل يا للهول لقد صرن خادمات يلطّخ التراب مواضع القلائد النفيسة فى صدورهنّ، وقد غاضت من خدودهن النضرة من العمل الشاق فى لفح الهاجرة بعد أن كن


(١) المرهفات: السيوف حصيدا: محصودين كالزرع المحصود.
(٢) يريد بعميد الأولى سيد النصارى وملكهم، ويعميد الثانية قتيلا وأصل معناها القتيل بالعمود.
(٣) كلكل: وقعة مبيرة. الصعيد: وجه الأرض. هجودا: موتى كأنهم نائمون
(٤) الحجول: الخلاخيل.
(٥) غبّر: لطخ بالغبار. الترائب جمع تريبة: موضع القلادة فى أعلى الصدر. خدد: أنحل. الهجير: اشتداد الحر.
(٦) يريد بالأزرق الإسبانى لزرقة عينيه. دعج جمع أدعج: شديد السواد.
(٧) معاصم جمع معصم: موضع السوار فى يد المرأة. طفلة بفتح الطاء: المرأة أو الفتاة البضّة الناعمة. القد: سير من جلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>