للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمضّ (١)، والحيرة أرمض (٢)، والفتنة أشدّ، والمحنة أهدّ، والأعمال أحبط، والأحوال أسقط، والأوزار أثقل، والمضارّ أشمل، والله يعيذنا من البوائق (٣)، ويسلك بنا أجمل الطرائق. . وأنت يا سيدى للمسلمين الحصن الحصين، والسّبب المتين، والنّصيح المأمون، فاجر فى جمع كلمتهم والمراماة دون حوزتهم (٤)».

والبزليانى يصرخ فى يحيى بن المنذر التجيبى أمير سرقسطة فى أقصى الشمال، فإن أمراء الطوائف من أمثال أمير بلنسية وأمير دانية وأمير إشبيلية يوطئون النصارى بلادهم مستعينين بهم فى حرب أهل دينهم وقتل الآباء وتيتيم الأطفال والأبرياء. ويقول لو كانت المحنة محاربة المسلمين بعضهم بعضا فحسب لكانت تلك قارعة عظمى وداهية كبرى، ولكن المحنة أدهى وأمر فإننا نستعين بالنصارى ونبيحهم ديارنا فيا لله ويا للمسلمين.

ويستغيث بيحيى بن المنذر أن يجمع كلمة هؤلاء الأمراء، حتى يدافعوا عن حوزتهم وحدود أرضهم ويرموا العدو يدا واحدة حتى لا تقوم له قائمة. ومن غريب أن هذه الصرخة دوّت فى العشرينيات من القرن الخامس، وكأنها صرخة فى فلاة ولا حياة لمن تنادى.

ويصرخ البزليانى فى رسالة ثانية وجّه بها إلى (المنصور الأصغر أمير بلنسية الذى ذكره فى الرسالة السابقة)، وله يقول-فيما أظن-على لسان باديس:

«اتصل بى ما جزعت له من لزومك مع الموفق مجاهد ومن تبعكما من معاقديكما لمقاتلة المظفر أبى بكر محمد أمير بطليوس (٤٣٠ - ٤٦٠ هـ‍) ومنازلته ومقارعته واستجاشة (٥) كل حزب منكم النصارى وطمعكم أن تمنعوا بهم ذمارا، وتقضوا بإخراجهم (معكم) أوطارا (٦)، وتدركوا بأيديهم أوتارا. (٧) ولم يخف عليك ما يتسبّب بالفتن، من البلوى والمحن. . باخترام (٨) الرّجال، وإيتام الأطفال، وإرمال (٩) النساء، وإحلال الدماء، وانتهاب الأموال، واعتساف (١٠) الأهوال، وإخلاء الأوطان، وإجلاء السكان. هذا إذا كانت الدعوة واحدة، والشرعة معاضدة، فأما إذا انساق العدوّ إلينا، وتطرّق علينا،


(١) أمض: أكثر ألما.
(٢) أرمض: أوجع.
(٣) بوائق: جمع بائقة: الداهية.
(٤) الحوزة: الحمى.
(٥) استجاشة هنا: استعانة.
(٦) أوطارا جمع وطر: مأرب.
(٧) أوتار جمع وتر: ثأر.
(٨) اخترام هنا: قتل أو موت.
(٩) أرملت المرأة: مات زوجها.
(١٠) اعتساف: ركوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>