لم تبق مثلبة تحصى إذا جمعت ... من المثالب إلا كلّها فيكا
ويقول مترجمو المكفوف السّرتى إن له أشعارا فصيحة وأراجيز غريبة، وقد سقطت جميعا من يد الزمن ولم يصلنا منها شئ. وكان يعاصره خليل بن إسحاق شاعر المهدى الفاطمى وابنه القائم وسنفرد له ترجمة عما قليل. ونلتقى بخلوف بن عبد الله البرقى النحوى المقرئ نزيل صقلية، وكان يعيش فى أواسط المائة الخامسة وله ترجمة فى إنباه الرواة للقفطى، ومن قوله:
كتبت إليك مشتاقا ... كثير الوجد توّاقا
سئولا داعيا للّ ... هـ آصالا وإشراقا
بأن تبقى على الأيّا ... م للأقران سباقا
والقطعة رقيقة وهى تدل على حس دقيق وذوق مرهف وقدرة على صياغة الكلام صياغة رشيقة، وله:
يا أيها المغرور دهر ... ك كم تقيم على الغراره
إذ جمع شملك للشّتا ... ت وربح مالك للخسارة
والبيتان فى الدعوة للزهد والانصراف عن حطام الدنيا والاغترار بما فى يده منها، فليس فى شمله إلا الشتات والفراق وليس فى يده إلا الضياع والخسارة. وكان يعاصره أبو الحسن على بن أبى إسحاق الودّانى صديق ابن رشيق وصاحب الديوان بصقلية ومن شعره:
من يشترى منى النهار بليلة ... لا فرق بين نجومها وصحابى
دارت على فلك الزمان ونحن قد ... درنا على فلك من الآداب
ودنا الصباح-ولا أتى-وكأنه ... شيب أطل على سواد شباب
والألفاظ منتقاة والصور بديعة فلا فرق بين النجوم المتألقة ووجوه صحابه المشرقة وقد دارت الليلة على فلك الزمان ودار مع صحابه على فلك الآداب، وهى مشاكلة بديعة. وقرب الصباح ويقول: لا أتى فى خفّة وعذوبة، ويتصوره بأضوائه التى تنفّلت فى آخر تلك الليلة كأنه شيب مشتعل يطل على سواد شباب. ونلتقى بشاعر برقى أقام بالقاهرة طويلا مما جعل العماد يترجم له بين شعراء مصر فى الخريدة هو أبو الحسن على بن محمد المعروف بابن البرقى المتوفى سنة ٥٢٢ ومن شعره الطريف الذى أنشده العماد:
رمانى الدّهر منه بكل سهم ... وفرّق بين أحبابى وبينى
ففى قلبى حرارة كلّ قلب ... وفى عينى مدامع كلّ عين