للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب إن ابن البيطار ينقل فى كتابه عن الصيدلة أو الأدوية المفردة عن كتاب له يسمى التلخيص وصفه فيه لبعض النباتات، مما يدل على أنه كان كتابا فى الأدوية المفردة، ويذكر الأستاذ عبد الوهاب أن له كتابا فى الحساب الهندى وكتابا ثانيا فى الفلك وحركة الكواكب، وموسى بن العزار طبيب إسرائيلى، توفى بعد سنة ٣٦٣ هـ‍/٩٧٣ م وقد خدم هو وأبناؤه الدولة العبيدية وخلفاءها فى المهدية وبعد تحولهم إلى القاهرة وله كتاب باسم الأقراباذين أى الصيدلة، مما يدل على اهتمامه بتركيب الأدوية وطرق العلاج بها. ومن أطباء العبيديين الإفريقيين أعين بن أعين، وكان يحترف فى القيروان طب العيون-ويسميه العرب-الكحالة، ولما انتقل المعز إلى القاهرة انتقل فى جملته، وكان ماهرا فى معالجة الرمد المزمن، وممن شفى على يديه شيخ المالكية ابن أبى زيد، وله كنّاش فى الطب وكتاب فى أمراض العيون ومداواتها.

وتتوارث الطب فى القيروان-منذ عهد الأغالبة-أسرة بنى الجزار، وأول من اشتهر بالطب فيها أبو بكر بن الجزار تلميذ إسحاق بن عمران طبيب بيت الحكمة كما يذكر ابن جلجل، ومثله أخوه إبراهيم وكان يعنى بالكحالة أو طب العيون. وابنه أحمد المولود سنة ٢٨٥ هـ‍/٨٩٨ م بالقيروان أبرع أطباء الأسرة وقد توفى سنة ٣٦٩ هـ‍/٩٧٩ م ومن طريف ما يروى عنه أنه بنى عند باب داره عيادة لاستقبال المرضى، وأفرد فيها قسما خاصا لصيدلية جعل لها فتى يسمى رشيقا، تعدّ بين يديه جميع الأدوية من معجونات وأشربة ومراهم، وكان إذا فحص المريض ووقف على دائه وصف له فى ورقة ما يناسبه من الأدوية، فيأخذها إلى رشيق ويعطيه دواءه الموصوف، بالضبط كما يحدث فى عصرنا، فللأطباء عياداتهم وللأدوية صيدلياتها. وأحمد بن الجزار يقوم فى الطب بالقيروان مقام ابن سينا فى إيران والزهراوى فى قرطبة. وللأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب ترجمة ضافية له فى القسم الأول من كتابه ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية تحدث فيها عن سيرته ومؤلفاته وفى مقدمتها كتابه: «زاد المسافر وقوت الحاضر» فى علاج الأمراض مجلدان، ويقول عنه إنه «من أهم الكتب الطبية العملية التى وضعها المسلمون»، ويذكر أن قسطنطين المعروف باسم الحكيم الإفريقى عمد-حين رأس كلية ساليرنو فى جنوبى إيطاليا-إلى ترجمة هذا الكتاب إلى اللاتينية ونسبه-كذبا وبهتانا- إلى نفسه، ويلم بما كتب حول الكتاب من بحوث فى العصر الحديث، ويذكر مؤلفات ابن الجزار بأسمائها وقد بلغت سبعة وثلاثين كتابا فى الطب والتاريخ والجغرافيا والأحجار الكريمة، وله بجانب كتبه الطبية الكثيرة كتابان فى الصيدلة بعنوان: «البغية فى الأدوية» و «الاعتماد فى الأدوية المفردة».

وتظل حركة علوم الأوائل التى غرس الأغالبة جذورها نامية فى أرض القيروان الطيبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>